أمل الياسري
صاحب الرؤية الواضحة والتشخيص الدقيق، تكون إنطلاقته كبيرة وعظيمة ويحقق النجاح المطلوب، كما أن الأمة التي لا تفكر تقع لمَنْ يغزوها كما قيل قديماً، وهذا ما وقع فيه العراقيون بعد عام (2003)، وما جرى عليهم من ويلات ونكبات، مع المفترض بأنهم فرحون بمقدم الديمقراطية والحرية وسقوط الدكتاتورية، فكانوا ينتظرون رجالاً أشداء من نوع متميز، يعتمدونهم في تحقيق الأهداف الوطنية الشريفة.
عملية التغيير التي حدثت في العراق، رافقها التغيير في الظواهر الشكلية، واللحوق بمظاهر الحداثة والتطور التكلنولوجي، وأمسى عمل الشعب منسجما مع الظاهر فقط، وباتوا أجساماً بلا روح وكأنهم خشب مسندة، وبالتحديد الطبقة السياسية التي لم يهمها ما يجري في الوطن وللمواطن، فظلموا أنفسهم ووالشعب على حد سواء، لذلك يصطدم أي مشروع إصلاحي بمصالح هؤلاء الفاسدين، الذين يستفيدون من البيئة المنحرفة.
(15) عاماً من التغيير مرت تقمص فيها كثير من الساسة، الشخصية الوطنية الشريفة ،وحرصوا على أن يتغلغلوا في مواقع الدولة، وشكلوا مافيات لإفساد مواقع السلطة والنفوذ، وهنا يقع مكمن الخطر الأكبر، إذ أننا لا نشاهد مظاهر حقيقية لمفهوم المواطنة، والإنتماء الحقيقين لبناء العراق الجريح، فدفع العراقيون ثمناً باهظاً من مناطقهم، وأرواحهم، ودموعهم، ودمائهم، وأجيالهم، فعادت عقارب الساعة بنا الى الوراء.
المرجعية العليا في النجف الأشرف طالما أكدت، وما زالت تؤكد على إصلاح المشهد السياسي، والإقتصادي، والفكري، والذي بمجمله يفتقد الى الرؤية والمنهج، والمشروع والقيادة، فمنذ أعوام بُحَ صوت المرجعية بخطبها الدينية والسياسية، عن ضرورة الإعمار والبناء وخدمة الوطن والمواطن، وطالبت الطبقة السياسية ببدء ساعة الصفر على الفساد لتسعد قلوب العباد، ولكن لا حياء لمَنْ تنادي!! وهنا سأصدح بثقة ألا تستحون؟
المرجعية باهداف نبيلة وغايات أنبل، ولهذا نجد مَنْ يستهدفها لأنها محطة للوعي، وما دام هناك وعي فهناك أمة ستقف بوجه الطغاة، والفاسدين، والمستكبرين، أما الدولة فلا أهداف ولاغايات، لأنه شتان ما بين الثرى والثريا، فهل يعرف الساسة معنى الحياء؟ عمَّ الجشع والإحتكار، والإستحواذ والإنانية، والعقيدة الفاسدة، والسلوك المشين، فأمست الأمة جوفاء ضائعة، وهذا بسبب فئة متحجرة في كلامها بجوارحها وجوانجها.
طرحت المرجعية قضية الحياء، ووجهت الإنظار للمفردة كثيراً إبتداءً من الأسرة، ليس تشفياً منها أو تعسفاً حاشاها ذلك، بل لأن الأمر وصل لمستويات خطيرة، وعلى فقدان الحياء عند الأسرة، تترتب مؤشرات أخطر، والطبقة السياسية إفتراضاً مَنْ تسعى لبنائه، وفق إدارة صحيحة للأمور، وحينما يفقد شخص حياءه، فإن المخالفة تكون مخالفة شخصية، أما أن يتحول فقدان الحياء لظاهرة في المجتمع فذلك نُذرٌ خطر!
https://telegram.me/buratha