حيدر السراي
بينما ينشغل الجميع في الصراع على المكاسب او تحقيق النقاط او الدفاع عن الاشخاص في عالم اليوم (واتحدث تحديدا عن الجمهور الاسلامي) ، تبدوا البدايات والاسس لاي مشروع سياسي بعيدة جدا ولا تكاد ترى ، فعندما نخوض انا وانت جدالا عقيما حول الافضلية ما بين فلان وفلان ننسى الهدف الاساسي والمشروع الرئيسي من كل هذا الصراع ، السياسي الذي يسمي تحالفه (مشروعا) او الذي يسمي مقترحاته (مشروعا) ربما نسي تماما البداية الحقيقية لكل التحرك السياسي الموجود حاليا وهذه طامة كبرى فالجمهور الذي ينسى ربما يكون معذورا واما ان ينسى المنظر تنظيره فماذا سنقول بعد ذلك .
لنكن اكثر تفصيلا ، نحن نتحدث عن المشروع السياسي الاسلامي ، وهذا المشروع لم ينشأ صدفة وليس وليد مزاجية او رغبة في السيطرة على الحكم ، فالشيعة منذ الغيبة الصغرى لم يطرحوا اي مشروع حقيقي للحكم وكانوا دائما من رعايا الحكومات الاخرى ، وعندما اتحدث عن الشيعة فأنني اقصد القيادة الفقهية وليس الحكومات التي يترأسها الشيعة فالشاه كان شيعيا ايضا لكنه لا يمثل المشروع الاسلامي السياسي للشيعة ، ومن هنا يتعين على كل الجمهور الاسلامي الشيعي ان لا يغفل في خضم التفاصيل عن اصول الحراك الشيعي وجذوره ليتبين الهدف بوضوح ودقة وان لا يعطي لتفكيره وعقله اجازة اجبارية بسبب اعجابه بشخصية اسلامية سياسية ، او بسبب سياسة التجهيل التي لا اشك انها متعمدة للجمهور الشيعي.
انطلق الحراك السياسي الشيعي بصورة ناضجة ومنظمة على يدي شخصيتين عظيمتين هما بحق ارباب المشروع الاسلامي الشيعي وهما الامام الخميني في نظرية ولاية الفقيه والسيد الشهيد محمد باقر الصدر في نظرية الشورى التي تخلى عنها لاحقا لصالح نظرية ولاية الفقيه ، ولكي لا نبخس حق احد فيجب ان لا ننسى ان هذا المشروع الاسلامي نضج بجهود العديد من العلماء والفقهاء الاعاظم كالسيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد محمد باقر الحكيم والسيد مهدي الحكيم والسيد مرتضى العسكري الخ ، وهؤلاء جميعا ابدوا ملاحظاتهم وارائهم فيما يتعلق بالنظرية السياسية للشيعة ، ولعل من اهم تلك البصمات هو المباحثة التي جرت بين شهيد المحراب واستاذه الشهيد الصدر حول دلالة اية الشورى على نظام الحكم في زمن الغيبة الامر الذي جعل الشهيد الصدر يعيد النظر في دلالة الاية ومن ثم الاعتقاد بنظرية ولاية الفقيه بصورة مطلقة
ويظهر ان القيادة الشيعية الفقهية التي وضعت اسس المشروع السياسي الشيعي قد امنت بأنه لا شرعية لأي عمل سياسي دون وجود الغطاء الفقهي المتمثل بالفقيه الجامع للشرائط ، والاهم من كل ذلك وهو ما نؤكد عليه اليوم تماما هو الهدف الرئيسي من قيام المشروع السياسي للشيعة وهو الهدف الاعمق والاسمى والاقدس لكل حراك سياسي للشيعة الا وهو إقامة حكم الله سبحانه وتعالى وشريعة خاتم النبيين في البلاد المسلمة ، هذا الهدف الذي لم نعد نسمع به في كل ادبيات الاحزاب والتيارات الاسلامية التي تتصدى للعمل السياسي في يومنا هذا ، واذا كان الامر كذلك ، فماذا بقي من المشروع السياسي الاسلامي الذي تأسس على يد الشهيد الصدر والامام الخميني رض.
ان الجمهور المسلم عندما يوالي ويعادي اي توجه سياسي ، الا يفترض ان يكون هذا العداء او الموالاة مبنيا على مدى قرب الحزب او ابتعاده عن الهدف الاساسي الذي قام من اجله المشروع السياسي للشيعة ؟؟ لكننا نرى ان الجمهور ربما نسي تماما هدف هذا المشروع وراحت لغة التمجيد للزعماء السياسيين والتطبيل لمشاريعهم هي اللغة الدارجة في زماننا هذا ، هي دعوة لكل مسلم مؤمن شيعي ، عليكم ان تعودوا الى الوراء وتبحثوا عن نقطة الصفر التي انطلق منها المشروع السياسي للشيعة ، وتذكروا دائما بأنه ليست قيمة كل انسان الا بمقدار ما يقدمه للاسلام
https://telegram.me/buratha