زيد الحسن
ثقافة الاستقالة في قاموس السياسة داخل الانظمة الديمقراطية الحقيقية نراها ملموسة ونسمع عنها الكثير ، وزير النقل يقدم استقالته والسبب حادث تصادم قطار او خروج قاطرة عن سكتها الحديدية ، يقدم وزير الصحة استقالته والسبب وجود تلوث في احد المراكز الصحية يودي بحياة شخص ، ويعتبر تقديم الاستقالة بمثابة الاعتذار من الحكومة والشعب والاعتراف الضمني بالفشل .
منذ سقوط النظام البائد والى اليوم نسمع اننا بلد ديمقراطي وان لنا برلمان تشريعي ولنا سلطة قضائية مستقلة ، ولنا حكومة تدير زمام الامور ، لكن لم نسمع في نكبة ما ان احداً قدم استقالته يوماً ، ترى هل هم يعملون بجد وتفاني ولا يوجد اخطاء وتقصير ، لم تحصل نكبات على عدد ايام الاسبوع ، ولم تحصل كوارث على عدد اشهر السنة ، ولم تحصل خيانات وبيع مدن على عدد فصول السنة ، السبت الدامي يمتد الى الجمعة الدامية ، وكارثة كانون الثاني تمتد الى كارثة كانون الاول ، مجزرة الصيف تمتد الى مجزرة الخريف .
جريدة ( الغارديان ) البريطانية كشفت ارقاماً واحصاءات مرعبة تتعلق باعداد الشهداء والجرحى الذين سقطوا في الاف التفجيرات والعمليات المختلفة التي شهدها العراق خلال الست سنوات التي تلت سقوط النظام الهدامي ، ليتبين ان العراق تحول الى ما يشبه مقبرة جماعية خلال هذه السنوات .
اما عن النكبات والكوارث فحدث ولا حرج ، وكل نكبة ابشع من سابقاتها واشد ضراوة وفتك.
استمر سجل التاريخ ينقش اسماء الالاف من الشهداء على صفحاته ، ولم نسمع ان هناك وزير او سياسي قدم استقالته ليعتذر للشعب العراقي ، او ليعلن فشله في ادارة مؤسسته .
لا بأس سنتجاوز كل هذه التفجيرات بسبب انهم قد جعلوا الايتام يسكنون في قصور ، ومنحوهم الحقوق اضعافاً مضاعفة ، ومسحوا على رؤوسهم ولم يشعر طفل في العراق باليتم مطلقاً ( لا حول ولا قوة الا بالله ).
نعود الى النكبات وهي كثيرة ولا تعد ولا تحصى ، ما اخبار اللجان التحقيقية التي كلفت بالكشف عن مسببيها ؟ نكبة جسر الائمة ما اسبابها وما هي النتائج التحقيقية ، نكبة الكرادة وحرق المئات بابشع طريقة وبمواد غالية الكلفة لا تمتلكها الا دول متقدمة ، نكبة مجزرة سبايكر اين اصبحت ؟ اين نتائج التحقيق في بيع الموصل الى داعش ومن ثم بيع ثلث العراق ، لا نريد اليوم ان يقدموا لنا استقالة بل نريد معرفة المسبب فقط ومن هو المقصر الحقيقي في تدمير مهد الحضارة مدينة ( الموصل ) العريقة واحالتها الى تراب وخراب .
في اوكرانيا الشعب وجد بديلاً عن الاستقالة لكل سياسي فاسد وفاشل ، وهي رميه في مكب النفايات وضربه ضرباً مبرحاً ، متى ستصيبنا عدوى اوكرانيا لنرمي بهؤلاء في مكبات النفايات ونستغني عن لجانهم التحقيقية الخائبة كخيبتهم .
بيعت مدينة الموصل امس للمرة الثانية الى الموت ، ولا نعرف هل كتب على هذه المدينة المظلومة والصامدة الصابرة الويل والثبور ، ام ان هذا التدمير ممنهج ومدروس حتى لا تقوم لهذا البلد من قائمة ، يبدو ان الكتب التي أغرقها هولاكو في دجلة كانت تبحث عن قراء ،فتارة تختارهم من فوق جسر الائمة
وتارة تختارهم من قاعدة سبايكر واليوم اختارتهم موصليين
https://telegram.me/buratha