سجاد العسكري
خرجوا فرحين في يوما جديد نوروزي وعلى وجوههم ضحكات وقاماتهم بطول السنابل يتسابقون كأن الريح تتلاعب بهم ,ومتشابكة الايدي بامهاتهم ,ولأنهم من ارض الربيعين فالنوروز لديهم شيأ اخر, ويشق ارضهم دجلة المتقلب في خيره ليضفي على الربيعين وازهارها سماء ثامنة , فركبوا وهم يظنون انهم في سفينة نوح , واذا بها تتمايل عن الشمال لتتحول ملامح وجوههم وضحكاتهم الى رعب من هذا اليوم الجديد , فتارجحت لتنقلب العبارة وتخفت الوجوه الضاحكة غاطسة في احضان دجلة ,لتشهق انفاس الشهادة , ليفجع العراق بكارثة الموصل بعيد الام والربيع معا.
الكارثة الانسانية لغرق العبارة وهي تقل على متنها فوق العدد المقرر لها , المكان غابات الموصل وغرق العبارة التابعة لشركة جزيرة ام الربيعيين وهي شركة مملوكة للقطاع الخاص , القطاع الخاص الذي لا يختلف هو الاخر عن السلطة المسؤولة عليه بامتيازها بالجشع والطمع على حساب المواطن والابرياء مع غياب الرقيب والحسيب ,او هو الاخر له حصة في نهاية الامر , كما يتكلم الواقع المؤلم للعراق ومؤسساته التي تعج بالفساد والفاسدين ,فكل مايجري من كوارث ونقص في الثمرات والانفس مصدره فسادكم ايها المسؤولين .
العبارة عبارة عن صنع محلي غير متقن من معدن الحديد ,سنة الصنع 1997م ونحن في 2019م اذن النتيجة متهالكة وطمع المستثمر اكبر , هنا تاتي التسأولات ,كيف حصل على الاجازة الرسمية من السياحة ؟ تهالك العبارة وعدم توفير سبل الحماية المناسبة لأي ظرف طاريء ؟ والذي يضع المسؤولين في دائرة الشك والريبة , ومن ثم اين دور لجان المتابعة .
من جانب اخر مع غزارة الامطار في هذا الموسم وارتفاع منسوب نهر دجلة بشكل كبير , وابلاغ عن فياضانات وسيول من قبل الجهات المسؤولة ,اليس بالاحرى بالجهات المسؤولة كالشرطة النهرية التابعة لوزارة الداخلية ان تتخذ الاحترازات المطلوبة لحصول اي طاريء يقلب الفرح الى مأساة , والمفاجأة ان الشرطة النهرية لا يتوفر لديها الا قارب انقاذ واحد واحد فقط ! فلو صادف ان حدث حادثين او اكثر فمن سينقذ هذا القارب يا ترى؟! والغريب ان مديرية الموارد المائية حذرت بالابتعاد عن حافات النهر بسبب الاطلاقات المائية الهائلة من سد الموصل قبل يومين من الحادث ,فاين التنسيق واخذ الحيطة والحذر (تايهة او دليلهة الله).
عام مر على بطش داعش الارهابي في الموصل , ليبطش الفاسدين بها مرة اخرى ,فما عاد دجلة الخير وام للبساتيني , بل اصبح دجلة ذكريات مؤلمة منذ حادث جسر الائمة في زيارة الامام موسى الكاظم عليه السلام لترحل الارواح فيه , ومن ثم جريمة العصر على ايدي داعش وزمر البعث المظلم , مجزرة سبايكر لشباب بعمر الزهور لتملاء جثثهم ودمائهم دجلة عنوة ليصطبغ مائه بدماء الشهداء , ليستيقض العراق لكارثة اخرى في عيد النوروز الربيع وعيد الام ليصدم الجميع حادث انقلاب العبارة المحملة بالنساء والاطفال وهم على ظهر دجلة الهائج لينقلب عيد الربيع الى حزن وعيد الام الى عيد الارامل والثكالى ؛ليكون دجلة البؤس وام الثكالى .
من يتحمل المسؤولية اين الحكومة المحلية ؟ واين المحافظ صاحب المواقف والاهانات المتكررة والبطولات وعنتريات وهمية واعلامية فقط , ليدهس المواطنين ويخرج اخرى وترتسم على وجهه ضحكة عريضة ,هل هو محافظ ومسؤول امام الحكومة ام زعيم مافية للفساد ؟ اما مجلس المحافظة فعليه الاستقالة ان كان يملك اي انسانية ,وقد يكون هو الاخر مستفيد من قبل المستثمر للجزيرة !
على الحكومة ان تتخذ اقصى العقوبات بحق المتسببين والمقصرين والقاصرين , وكذلك المتفرجين وهم يوثقون بموبايلاتهم الحدث لتجردهم من الانسانية ! فاذا ارادت الحكومة تطبيق القانون والعدالة فلتقضي على الفساد والفاسدين ,والا فان الفوضى ستفاجئنا كل حين بكارثة معينة لها اسباب متعددة ؛لكن يقودها الفساد والفاسدين ,فصدق امير المؤمنين علي عليه السلام حين قال :(اساس الحكم العدل) .
https://telegram.me/buratha