المقالات

وفي الليلة الظلماء لا يفتقد البدر..!

1798 2019-05-21

قاسم العجرش

 

 

في البداية نزل الخبر صاعـقا، مدويّا ومفاجئا، كان الخطب كبيرا، لحظتها أستقرت بقلبي سوداوية حالكة، أحالته مرتعا للحزن والألم، لم يخطر ببالي سوى قول أبو فراس وقبله عنترة؛ "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر" ..لكن  نفسي سرعان ما قلت؛ أن هذا القول أبعد ما يكون عن حالي وحالنا..

قالت لي نفسي: أن أخاك وصاحبك السيد صالح  البخاتي الموسوي، لم يتركنا في ليلة ظلماء أبدا، فقد جاهد وصحبه أربعون سنة، ليخرجوننا من حلكة الظلم والقهر والإذلال، وقادنا إلى آفاق لم تكن ترد إلا في أحلامنا.. ثم أردفت نفسي تقول: فكيف نفتقده وآثاره بيننا تحدثنا عنه وتتحدث إلينا؟ وكيف نفتقده بدرا، وهو يضيئ سماءنا انجازات ومواقف؟ وكيف لنا أن نفتقده؛ وخصاله ومناقبه الحميدة مبثوثة أينما تلتفت؟!  عد الى رشدك يا سيد قاسم، فأخوك وصاحبك لم يرحل بعد، ولن يرحل أبدا!

قالت لي نفسي أيضأ: أن أخاك وصاحبك سفينة، والسفن يا محزون لا ترحل إلا لموانيء جديدة، موانيء تباع فيها العطور والبخور والرياحين والورود، وعلى سواحلها قصور من زبجد، نوافذها مغطاة بستائر من أستبرق، وأرضها موشاة بسندس ونظار!

أبعد الحزن عني؛ هكذا قالت لي نفسي، فأنا أكره الحزن ورياءه، وهل نحزن على الحضور ماثلا بيننا بقوة وعنفوان وشموخ؛ حضور الفعل والأثر والذكرى، وأخوك حظور دائم، فلا تحزن، وأفرح بما آتاه تعالى من فضله ونعيمه.

قلت لها متسائلا معاتبا: ولكنه فارقني؟! قالت لي أربعة عشر عاما هي ربع عمرك، قضيتها معه، وربعها الآخر قضيتها فيه، وربعها الثالث قضيتها كنت تعد نفسك كي تكون معه ، وربعها الرابع في قضيته..إذن هو كل عمرك،  قلت لها: مادام الأمر كذلك، فعلام قد جفاني، ولم يأخذني معه حيث هو الآن؟!

قالت لي نفسي مجيبة: أتذكر الثلاثاء التي كان بائتا عندك فيها قبل ثلاثاء عروجه، ليلتها وبعد أن أقمتما صلاة الليل، سألك من تفتقده الآن: هل قرأت وصية الإمام الباقر عليه السلام لصاحبه جابر الجعفي، حينما قال عليه السلام: "إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرة يقيم أودها، ويخالف هواها في محبة الله، فينعشه الله، فينتعش، ويقيل الله عثرته، فيتذكر، ويفزع الى التوبة والمخالفة، فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف،لا فضيلة كالجهاد، ولا جهاد كمجاهدة الهوى"..

قلت لها نعم أتذكر؛ قالت لي أوَ تتذكر إجابته لك حينما سألته بعد صلاة الفجر بقليل عن المستقبل؛ كيف السبيل الى بناء الوطن المدمر؟ فقال لك إن الوطن لم يدمر، بل إن الذي دُمر هو الإنسان, وتدمير الإنسان كان مشروع صدام، ومشروعنا هو إعادة بناء الإنسان..

كلام قبل السلام: قلت لها ثم ماذا: قالت لي أمض على طريقه، وسر على مشروعه، وأسترشد به بدرا ينير طريق سفينتنا، وبرّ الأمان نراه بعين اليقين في مرمى حجر.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك