عبد الكاظم حسن الجابري
كرست نهضة إمامنا الحسين عليه السلام, الأخلاق بأدق صورها وبكل حيثياتها.
منذ الإعلان الأول عن حركته صلوات الله عليه وسلامه, كانت المبادئ الأخلاقية هي المحور الذي تدور عليه هذه الحركة, وإن قاموس الأخلاقيات في التعامل مع المعارضين للحركة, ومع الأعداء, كان زاخرا بأروع المعاني وأبهاها.
أعلن الإمام الحسين عليه السلام شعار نهضته, "والله ما خرجت أشرا, ولا بطرا, ولا مفسدا, إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي, أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"
هذا الإعلان كان واضحا في السبب الذي من أجلته قامت الثورة, وهو الإصلاح, وواضحا في إِبعاد كل الرذائل والصفات الذميمة التي تتخل بعض الحركات الإصلاحية.
حركته عليه السلام حركة نظيفة بيضاء, فلا تعدي على الحرمات, ولا غلبة للأهواء ولم تكن هذه الحركة نابعة عن بعد شخصي, يتميز بالبطر, ولا يتخلل هذه الحركة أي فساد أو إفساد, فلا هتك للحرمات, ولا ترويع للآمنين من شيوخ وأطفال ونساء, ولم يسجل التاريخ إن سيدنا الحسين عليه السلام, قد تعرض بالأذى لأي منشأة – بالمعنى الحديث- في مسيرهِ, فلا تعدي على المراعي, ولا قطع للأشجار, ولا سلب عابر سبيل, ولا أي شيء آخر مما يرافق مسير الجيوش.
أما على مستوى الحرب, فكانت أخلاق المولى أبي عبد الله وأصحابه مدرسة, تعلم الثائرين كيف يقوموا بتخليد ثورتهم, إبتدأت أخلاق الحرب عندما جعجع به جيش الشام لأرض كربلاء, وهناك ضرب العطش جيش العدو, وكادوا أن يهلكوا, وعددهم ألف فارس, وكان الماء بحوزة سيدنا الحسين عليه السلام وأصحابه, فأمر المولى أبو عبد الله سلام الله عليه أصحابه, بأن يسقوا الجيش, وقام هو بنفسه بسقايتهم, ومما يذكر في هذا المقام, إن إمامنا كانت لهجته حجازية, فقال لأحد جنود الشام "أنخ الراوية", أي أبرك الناقة, فلم يفهم ذاك الشامي, فقام روحي فداه بإناخة الناقة وسقي الجيش بيده.
ثم إن إمامنا الحسين عليه السلام لم يقابل أي إساءة له بالمثل, فحين تهجم عليه جيش الشام بالسباب, غض المولى روحي فداه الطرف, علَّهم يرعووا, ولما طلب بعض أصاحبه أن يرد على ذاك الجيش, قال له سيدنا الحسين عليه السلام "لا أحب أن أبتدأهم بقتال".
هذه الأخلاقيات التي تعامل بها إمامنا الحسين عليه السلام, هي التي جعلت ثورته ثورة خالدة, فبقدر ما كان مولانا الحسين عليه السلام يسير بالأخلاق, كان أعداءه يمارسون كل معاني الرذائل الأخلاقية, فبان الفرق واضحا بين الفريقين.
تجسدت هذه المدرسة الأخلاقية, التي شهدتها الطف هذا اليوم, بما يسطره أبناء القوات الأمنية, ومتطوعي فتوى الجهاد الكفائي, وإلتزامهم التام بالوصايا العشرين لصاحب الفتوى الإمام السيستاني دام ظله, فها نحن نرى رأي العين, كيف يتعامل أبطالنا مع أسراهم, ومع النساء والشيوخ في المناطق المحررة, وكيف إنهم يمنعون أنفسهم الطعام ويقدموه للعوائل الهاربة من بطش داعش, بل صاروا يقدمون العون وينقذون أرواح حتى الحيوانات في تلك المناطق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha