المقالات

بعدما بقي الإمام زين العابدين"ع" وحده..!

1822 2019-07-15

علي عبد سلمان

 

عرف الامام السجاد عليه السلام بأبن الخيرتين؛لان ابيه هو الامام الحسين ابن علي ابن ابي طالب عليه السلام،اما امه فهي احدى بنات ملوك فارس،وقد ورد في الاثر"ان الله اختار من عباده خيرتين فخيرته من العرب بنو هاشم ومن العجم فارس،وفي ذلك يقول ابو الاسود الدؤلي:

وان وليداً بين كسرى وهاشم لأكرم من نيطت عليه التمائم.

لم تكن كربلاء حدثاً عابراً في التأريخ،بدأ وانتهى بتفوق فئة على اخرى،عسكرياً او سياسياً،انما جاءت كربلاء لترسم لنا حداً فاصلاً بين المسلمين ومدعيي الاسلام،بين الحقيقة ومن يدعيها،بين الحق والباطل،لذلك يجب ان لاتتوقف كربلاء عن العطاء،وأن أختلفت السبل والمناهج لتوظيف الحادثة،في ابراز الاهداف التي من اجلها وقعت.

بعد ان وضعت كربلاء اوزارها،ووقعت المأساة وافتجع المسلمون،وسجل التأريخ بمداد قلمه الاحمر القاني وصمة العار في جبين هذه الامة، تحتم على الامام السجاد عليه السلام الاستمرار باظهار المأساة وتوظيفها في خدمة الاصلاح،الذي من اجله ثار ابيه عليهما السلام.

فقد رأى "أن الارضية صالحة لبيان الحقيقة،والجو مناسب لذلك،فأستثمرت الظلامة لتهيج العواطف،للكشف عن شرف النهضة ورفعتها ورفعة مقام اهل البيت،كذلك لاظهار فداحة المصاب وعظم الفاجعة،لتنبيه الغافلين وتهيييج المشاعر،بما يصدع القلوب ويترك اعظم الاثر في النفوس".

لذلك فقد مارس الامام السجاد ادوار عدة لاظهار هذه المأساة،منها دور الكلمة واثرها العميق في التاثير،وقد ظهر هذا جلياً في خطبه عليه السلام،منها،لما دخل هو وعماته الكوفة،حيث اجتمع عليهم الناس،فهالهم المشهد حينما شاهدوا ماحل بعائلة ال الرسول،فأخذوا يبكون وينوحون،فأوما للناس ان اسكتوا وبعد ان حمد الله واثنى عليه وعرفهم بنفسه،بدأ بسرد ماجرى عليهم من ظلم وقتل وانتهاك،كي يصدم الناس بالمأساة التي جرت فقال:"انا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله،انا ابن المذبوح بشط الفرات،انا ابن من قتل جرا وكفى بذلك فخرا"،حتى ضج الناس في العويل والبكاء،وبدأوا يدركون عظم الفعل الذي فعلوه،فعادوا الى ذاتهم يجلدونها ويؤنبونها على التخاذل والتصغائر عن عظائم الامور.

وموقف اخر له في الشام حينما صعد المنبر خطيباً،وبعد ان كشف للناس مقام اهل البيت ومامنحهم الله من عطايا وبما فضلهم من مزايا قال:"انا ابن المقتول ظلما،انا ابن المحزوز الرأس من القفا،انا ابن العطشان حتى قضا،انا ابن طريح كربلاء،انا ابن مسلوب العمامة والرداء،انا ابن من بكت عليه ملائكة السماء،انا ابن من ناحت عليهالجن في الارض..."بهذه الكلمات الشجية وهذه المفردات الدامية عرض الامام مشهد المأساة.هذا كان على صعيد الكلمة.

اما على صعيد المواقف العملية، فكان يذهب عليه السلام الى سوق الجزارين، ويسأل الجزار هل سقيت الكبش ماءاً قبل ذبحه، يقول: نعم يابن رسول الله،انا لانذبح حيواناً حتى نسقيه ولو قليلاً من الماء،فيبكي بكاءأ شديداً ويقول:لقد ذبح ابو عبدالله عطشاناً،

وكان ايضا عليه السلام اذا رأى غريباً في المدينة،يدعوه الى بيته للضيافة ويقول له بين جمع من الناس:اترى لو اصابك الموت وانت غريب عن اهلك،هل تجد من يغسلك ويدفنك،فقال الناس:يابن رسول الله كلنا نقوم بهذا الواجب،فبكى وقال:لقد قتل ابو عبدالله غريباًوبقي ثلاثة ايام تصهره الشمس بلااغسل ولا كفن.

هذه بعض من المواقف، التي وقفها عليه السلام،لتوظيف ماساة كربلاء وتسخيرها في خدمة الهدف الحسيني،الذي هو اصلاح الامة،وايقاضها من غفلتها،وجعل واقعة كربلاء حادثة حية تتحرك في شعور المسلمين،على مر العصور والدهور،ليختار من يختار،اما طريق الحسين فينجو من العذاب، اوطريق يزيد،فيهط في درك الانحلال والفساد ويقع في مهاوي الرذيلة.

كذلك كان الامام يستهدف ضمير الامة،ليشحن النفوس ويهيئها للثورة على الظلم والظالمين،الذين يستبيحون المحارم ويستهترون بالقيم، فسلام عليه يوم ولد ويوم صدح بالحق امام الجبابرة وسلام عليه يوم يموت ويوم يبعث حيا.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك