كندي الزهيري
الحرية منذ أنْ خلقَ اللهُ تعالى البشر كانت الحريّةُ هي الحلمُ والهاجسُ الذي يبذلون الغالي والنّفيس للحصول عليه، فالإنسان بفطرته لا يرضخ بشكلٍ مطلقٍ لأيّ شخصٍ؛ لذلك يظهَرُ وكأنّه يرفض القوانينَ والأنظمةَ المتعسِّفة التي تحدُّ من حريّته وتقيَدها، وقد نظّم الإسلامُ هذه الحريّة وحدّدها، ولكن البعض قد يفهم الحرية بشكلٍ خاطئ ممّا يؤدّي إلى حُدوثِ الكثيرِ من المشكلات وإلحاقِ الضرر بالآخرين.
انتشر مفهوم الحريّة بشكلٍ خاطئ بين فئات المجتمع وخاصةً فئة المراهقين والشّباب؛ حيث يحسبون ذلك تحرّراً من القيود ومحاربةً للعادات والتقاليد.
مفهوم الحرية الخاطئ الحرية الصحيحة هي قُدرة الفَرد على اتّخاذِ القَرارات التي تخصّه بشكلٍ مناسِبٍ، ويكون اتّخاذ القرار دون تدخّلٍ من الآخرين بشكل معنويَ، أو ماديّ ودون إجبارٍ من أحد أو اتّباع أي شخصٍ.
وقد تكون هذه الحريّة حرية التفكير، أو حرية التصرّف والسلوك، أو حرية التحدّث، وتحتاج الحرية الصحيحة إلى أن يَحترم الشّخصُ نفسه ويحترم الآخرين والمجتمع والدّين والعادات والتقاليد والقوانين والأنظمة.
الحريّة الخاطئة هي أن يُنفّذ الإنسانُ ما يريدُه دون النّظر إلى المحيطين أو مراعاتهم أو مراعاة العادات والتقاليد في المجتمع أو الدين، فيمارس الشخص ما يحلو له دون الرّجوع إلى أيّ مبدأ أو دين، وقد يعود هذا الفهم الخاطئ إلى تقصير الوالدَيْنِ في تعليمِ الأبناءِ الأخلاقَ الفاضلةَ واحترام حُرّيات الآخرين أو انعدام الوازع الدينيّ أو الظروف المجتمعيّة الظالمة.
طرق تصحيح مفهوم الحرية الخاطئ:
يحتاج أفراد المجتمع إلى التوعية بمفهوم الحريّة السليمة وتوضيح حدود هذه الحرية بالنسبة للأفراد وبالنسبة للمجتمع ككل، فيتم ذلك من خلال عقد المحاضرات التوعويّة في المدارس والجامعات التي تُبيّن حقوق الأفراد وما عليهم من واجباتٍ والتزاماتٍ لا بدّ من تأديتها.
ـ توزيع المنشورات والكتيّبات؛ التي تبيّنُ حقوقَ الأفراد المشروعة، وحقوقَ الآخرين ومدى هذه الحدود.
ـ عقد المحاضرات التوعويّة للمواطنين أو طرح الموضوع في الصّحُف الرّسمية التي يقرؤها مُعظم النّاس، أو تحضير البرامج التلفزيونيّة القصيرة التي تتحدّث عن حدود الحريّة وخطر الممارسة المُطْلَقة لها.
ـ توعية الأبناء من قِبل الوالدَيْن؛ حيثُ تبدأ التربية من البيت، فعندما يتعلّم الطفل منذ الصغر أنّ التعدي على الآخرين وأخْذ ألعابهم أو ضربهم من السلوكيات الخاطئة؛ يحترم حريّات الآخرين ورَغَباتِهم ولا يُحاول تجاوز حدودِه.
ـ تطبيق القوانين والأنظمة، وفرض العقوبات الصّارمة على من يُحاول اختراقَها أو يتعدّى حدودَه ويعتدي على حريّات الناس.
ومن هنا نطالب بوضع خطط من شخصيات علمية ومؤسسات متخصصة لتجديد منظومة الفكر للطبقة السياسية تليها تجديد منظومة الفكر والسلوك في المجتمع كي تكون مؤازِرة للحرية.
ـ جعل القانون فاعلا وحازما.. فالقضاء العادل القوي الحازم قادر على حماية الحرية بأنواعها المذكورة في صدر هذا المقال.
ــ تربية النشء الجديد على الفكر الحر والسلوك المنبثق من الحرية المتوازنة.
- تأسيس وتطوير عمل المؤسسات التي تتخصص في محاربة الفساد السياسي والمالي فهو السبب الأول في الوقوف بوجه تطور الحرية في بلادنا.
- رصد الجهات المغرضة التي تسعى للتصيّد في الماء العكر وتسيء الى جهات سياسية أو اجتماعية موثوق بها.
- زيادة حملات الترويج للفكر الحر وترويج حرية الرأي.
- نشر ثقافة الحريات بأنواعها عبر التربية الأسرية والتعليم في المراحل المدرسية كافة.
- على النخب الدينية والثقافية والقانونية والقضائية دور أساس في حماية الحريات.
https://telegram.me/buratha