أ.د ضياء واجد المهندس
كانت (منيرة ) امراة خمسنية العمر في نهاية القرن الماضي، اصيبت بمرض ارقدها الفراش بعد ان ذهبت الى المستوصف للتلقيح ضد الامراض والاوبئة كجزء من متطلبات حج البيت مع جواز السفر النافذ و تكاليف الحج والسفر ،و الذي دفعتها الى جارهم صاحب مكتب السعيد في حي القاهرة ببغداد ، لكن الذي جعل حالتها الصحية تتأزم هو ان ( الحملة دار ) اعاد لها الجواز و المبلغ الذي دفعته لتكاليف الحج ، بسبب ان السعوديين قلصوا عدد الحجيج العراقيين و لم يسمحو بالتوسعة ..
رفضت منيرة بشدة ان تدفع لاحد موظفي الاوقاف ليرتب لها و يعيدها الى افواج الحجيج، و قالت : ان الله ذو العدل والانصاف و ذو القدرة والالطاف لا يستقبل راشي ولا مرتشي ..
و بالرغم من سوء حالتها الصحية، الا انها اعطت مصاريف ما كانت قد جمعته لحجها لابنها ليرسل الى معوزين و معسرين و مساكين ، اعترض ابنها ، وقال لها ان عليها ان تحفظ بالمال، لانها قد تذهب للحج في السنة القادمة ..قالت :ان حج البيت ليس ان تطوف الكعبة ، وتسعى بين الصفا و المروة ،و ترمي الشيطان، و تدعو الله على عرفة ، الحج ان تطوف بيت محتاج ومسكين تعرفه ، و ان تقضي للمعسر حاجته و تسعى في فك ضيق المظلومين، والا فان الحجاج سيكونون افواج من عجاج ...
كنت اظن ان حديث المراة ذات التعليم المحدود، هو بسبب فقدانها فرصة الحج ، وبعدها تبين ان اللقاح كان سبب لها عجز في كليتيها و بقت تصارع المرض ، وبالرغم من ان ابنها الاصغر قد تبرع بكليته اليها ، الا انها لم تعش الا سنتين بعدها ، و كانت تحج الى الله بفطرتها ، تؤدي المراسيم بالطواف على من تعرفهم من اهل الحاجات ، وتقول ان الله يريدنا ان نحج لنجدد بيعة الشهادة بوحدانيته و بصدق رسوله في ايام معدودات و للمقتدر من المسلمين..
كنت انتقدها كثيرا ، و اقول لها : ان الاساس في حج البيت هو من استطاع اليها سبيلا" ..و كانت تقول : حج البيت يعني رب البيت ، و لهذا عندما اراد ابرهة الحبشي ان يهده بافياله ، قال عبد المطلب جد الرسول و سيد اشراف قريش : للبيت رب يحميه ، وكانت وقتها رجالات و قبائل قريش قد اعدت العدة لحرب ابرهة ...
عندما سىألت احد الاصدقاء المتقين عن سبب ذهاب المسؤولين الى البيت الحرام سنويا" للحج ، قال ساخرا" : يعتبرون الحج موسم تصفير الذنوب ( يفرمتون نفسهم ) ، لكي يعودوا من الصفر بعد ذي الحجة ليسرقوا العباد و البلاد ، و هو موسم تجارة يربحون ببيعهم اذونات الحج الذي يحصلون عليها لكونهم مسؤولين ،او من علاقتهم بالسفير السعودي...
قبل بضعة اسابيع ،ماتت امراة عجوز قريبة كانت تريد ان تحج ،ولم يظهر اسمها في القرعة ،وماتت في حسرة عدم ذهاب الى البيت والحرام ، بينما اعرف احد المسؤولين كان لثمان سنوات خلت، يحج بيت الله هو و زوجته....
ذات مرة سمعت من امراة فاضلة : نحن بحاجة الى العشرات من الصحابي ( سلمان المحمدي) ، وهو سلمان الفارسي الذي تنقل في الديانات من الزرادشتية والمجوسية و اليهودية و المسيحية الى الاسلام، وكان يترك الديانة عندما يجد الحبر او الكاهن او القديس من اللصوص والسارقين و المنافقين، الى ان هداه الله في ثقيف بعد ان التقى رسول الله (ص) بعد ما قابلته ثقيف بالجفاء والحجر ..و تم تسميته محمدي ،بعد ان اعاب عليه احد الصحابة من كونه فارسيا وليس عربيا، فقال فيه رسول الرحمة ( سلمان منا اهل البيت)...
قالت السيدة : لو كان لنا داعية مثل سلمان المحمدي ،لفضح كل ساساتنا و دعاتنا الدجالين ،اصحاب القدسيات و المقامات الدينية المزورة و المنمقة بالشكل والاتباع السذج...
لنا و لحجاجنا و للعراق رب كريم ..
علام القلوب و غافر الذنوب رحيم ..
https://telegram.me/buratha