المقالات

ديمقراطية أم فوضى أم شيء آخر؟!


عبد الحسين الظالمي

 

خلق الانسان ليعيش وهذا العيش له متطلبات تفرضها الفترة الزمنية التي يعيشها الفرد  وعلى راس هذه المتطلبات مصالحه وما تفرضه علية يوميات الحياة ونتيجة توسع هذه المتطلبات احتاج الانسان اخيه الاخر ليعيشون ن معا ويتكاملون رغم تداخل هذه المصالح او ربما تقاطعها لذلك احتاج الانسان الى نظام يضبط هذه المصالح وما يتبعها من اختلاف وتقاطع، ولصعوبة ان يكون النظام شاملا لكل الافراد لذلك للجأ الى  فكرة تفويض البعض بالحكم افراد او جماعات ومن هنا برزت فكرة النظام والحكومة والسلطة والتمثيل  الطوعي او الجبري والهيمنة وفرض الارادة  ليولد القهر والظلم والتسلط ، ومع تجربة الشعوب وما عانته من ويلات الحكام  اهتدت الى نظام التمثيل   تحت قاعدة ان اصل الحكم هو الشعب  ولكون ذلك مستحيل لذلك اهتدى الى طريقة التمثيل والنيابة  تحت اسم الديمقراطية والتي تعني حكم الشعب لنفسه من خلال ممثلين له في التنفيذ والتشريع والتي يعتبران اس النظام وجوهر مع ثبوت الحاجة المستمرة والدائمة للقضاء المختص بالحكم بين الناس.

طورت الشعوب فكرة نظام الديمقراطية وارتضت بعيوبها مقابل ويلات ومصائب الحكم الفردي التي تفوق عيوبه فوائده مما جعل الشعوب تضع لهذا النظام اسس وقوانين محكمة وتتعاهد  على احترام وتنفيذ هذه القوانين  وتمارس هذا السلوك بانضباط عالي  تفرضه المصلحة  المشتركة للكل ، هذا الانضباط  في السلوك هو الذي ينجح العملية برمتها فلا يمكن تصور تجربة ديمقراطية تنجح في مجتمع غير منضبط مجتمع لا يشعر بالمسوولية .

وبناء على ذلك هل نحن فعلا نعيش في مجتمع مهيأ ليكون نظامه نظام ديمقراطي  وهل فعلا ما نعيشه الان هو نظام ديمقراطي؟

والجواب بكل بساطة اننا مجتمع يفتقد اسس اقامة هكذا نظام ليس  في العراق فحسب بل في اغلب دولنا العربية وربما الاسلامية  لافتقادنا اسس وقواعد  هذا النظام  والذي  يعتمد على (الوعي العالي لممارسة هكذا تجربة، مؤسسات رصينة تدير الامور بانتظام وفق قوانين ثابتة ورصينة  لا تخضع للمزاجية، سلوك منضبط، احترام حق الحرية وضوابطها، استخدام وسائل التعبير  بشكل صحيح.

هذه الاسس اغلبها بل جلها غير متوفرة في مجتمعنا ناهيك عن التركة الكبيرة الغائرة في النفوس وعقد الماضي ومؤثرات البيئة وانتشار وسائل  التعبير بشكل جعل الكل وبدون ادنى محددات يشكلون رأي عام بدون التحقق والتحميص وأصبح الكل يدلوا دلوه وبمختلف المواضيع  بل البعض قد يصل الى حد التطرف والتهور في استخدام حقه ووسيلة التعبير لدية  ليسب ويشتم ويحرض ويتهم جزاف بل يحرف ويزور   ويختلق امور ليس لها واقع  ومع هذا الوضع فقد اصحاب الراي والاختصاص  موقعهم امام هذا  الهول  الكبير .

فلا تجد فعلا او طرحا او فكرة تسلم ليس من النقد وهو المطلوب بل من التسفيه والتسقيط والنقد الجارح والمشكلة الاكبر اننا  ندعي(انا ولا سواي ورأريي هو الصحيح والآخر خطا محض)

من هنا اصبحت فكرة تطبيق نظام ديمقراطي مجرد افكار وأقوال ومسميات اما الواقع فهو فوضى وديكتاتورية جماعة  وتغليب مصالح وجلد ذات غير مبرر، مما جعل فكر النقد يتحول الى تسقيط وتسفيه وليس الى تقويم وتصحيح.

لذلك لم نتذوق  طعم النظام الديمقراطي  ولم نعش طعم الحرية المنضبطة بل نعيش واقع حرية منفلتة تتحول تدريجيا الى شريعة الغابة ليكون القوي فيها هو السيد والمطاع ، الكل يدعي البناء ولكنه في الواقع بيده معاول وليس معول واحد للتهديم، اصبحنا في مجتمع يتكلم عن النزاهة ويحارب المخلص النزيه  ويتكلم بالكفاءة  وهو يحطم ويدمر الكفء  بدافع الانا.

لذلك لا غرابة ان نتراجع  رغم اننا نتصور اننا نتقدم، كنا نقول نعم حتى لو كان الموقف يتطلب الف كلا واليوم  نقول كلا لكل شيء سوى مصالحنا وما يوافق مزاجنا، نحدد ال نعم من لا على ضوء ما يخدمنا وليس على ضوء المصلحة العامة، وأكثر ازعاجا اننا اصبحنا مجبرين ان نسمع ونقرأ كما هائلا مما يكتب ويقال والذي يسيء للذوق العام وينفرز المزاج بدون ادنى ذنب او بدون فائدة تذكر كيل من الكلام البسيط الفارغ المشحون لدرجة اصبح من الصعب ان تبدي رأي وكأنك في سوق الصفارين ترقبك العيون ولكنها لا تسمع ما تقول حتى قيمنا الاجتماعية والدينية والعرفية وما كان يحمله الاباء فقد غادرناه وصبحنا نتغنى به فقط.

متى ما استطعنا ان نعي ما حولنا وندرك اننا لابد ان نغير سلوكنا   ونحتكم للمنطق ونؤسس لنظام ديمقراطي سليم  يمكن ان ننعم بشيء اسمه الديمقراطية وخلاف ذلك سوف نبقى غارقين بالفوضى والمزاجية  نتراجع بدل ان نتقدم، اللهم اسالك ان تنقذ هذا البلد  وتحمي اهله وترشدهم سبل الصواب .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك