المقالات

أشعر بالحيرة عليك يا عراق


محمد كاظم خضير

 

أشعر بالحيرة والارتباك الشديدين من المصير المجهول الذي يسيطر على مستقبل العراق والمنطقة على حد سواء، وأشعر بالخوف الشديد من تعاظم عمليات الارتجال في الاصطفافات والتموضعات الغوغائية في عمليات النزاع المحلية والاقليمية والدولية، وأشعر بالخوف الشديد من التطيّر السياسي العراقي وتبسيط تحديد وقائع ومسارات الأحداث القادمة، من حروب ومواجهات والدخول في رهانات على هذا الفريق أو ذاك، وأشعر بالخوف الشديد لعدم وجود مساحات وطنية آمنة على مستوى الأحزاب والتيارات أو نخبة قادرة على لمّ الشمل أو رفع الأنقاض السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية القادمة.

أشعر بالخوف الشديد على العراق عندما استحضر كل تلك السنوات الطويلة من الغضب والنزاع والاحتلالات وما نتج عنها من قتل ودمار وانهيار، وأشعر بالخوف الشديد كلما سمعت خطاب التباهي بالوصايات الخارجية والاستخفاف بمصير أجيال العراق ، وأشعر بالخوف الشديد من شغف العنف المدمر لدى معظم الأفرقاء وانتقال عدْواه بين الأجيال وتشريع ثقافة الكراهية بين المكوّنات الوطنية وداخل كل المكوّنات، وأشعر بالخوف من الإمعان في تفكيك أسباب فكرة الدولة والمؤسسات والاستخفاف بالمشاعر الوطنية والانتماء إلى العراق .

أشعر بالخوف الشديد من الدقائق والساعات القادمة التي قد تحمل في طياتها ما لا تُحمد عقباه، من تهديدات مالية وأمنية وعسكرية وما قد تحمله من ويلات، وأشعر بالخوف الشديد عندما لا أجد دولة في الجوار قادرة على إنقاذ نفسها أو إنقاذ العراق ، ودول العالم الكبرى منشغلة بخفض النزاع وليس في إحلال السلام، وأشعر بالخوف من أحاديث الهمس والاستهبال لدى روّاد المعلومات والتوقعات التي تبشر بانتصار فريق على آخر في العراق ، وتلك المأساة عرفتها مرات ومرات على مدى سنوات طوال، وكانت النتيجة خسارة الجميع عندما نخسر العراق .

أشعر بالخوف الشديد عندما أرى كل تلك الاحتفالات والمهرجانات ولا أسمع قصيدة جديدة أو أغنية تحاكي الوجدان الوطني لدى الأجيال، أشعر بالحزن الشديد عندما أجد الصغار والكبار يتجرأون على الوطن ويُشهرون الطاعة والولاء للغرباء، أشعر بالخوف ليل نهار من يوم قد يأتي تأكل فيه وحوش السلطة كل ما يذكّر بلعراق الإنسان، أشعر بالخوف الشديد من لحظة استهون فيها الخيانة والغدر والانتقام وأن أخلط الكراهية الشخصية بالقضايا الوطنية العامة كما يحدث في وسائل التواصل والإعلام.

أشعر بالخوف الشديد من أن يأتي يوم لا أستطيع فيه أن أشهر حبّي وولائي لوطني العراق خوفاً من الأهل وبقايا المعارف والأصدقاء، وأشعر بالخوف من أن يأتي يوم أتنكر فيه لحق الأفراد في حرية التعبير والاختيار، وأشعر بالخوف من استعباد أمراء الطوائف والكراهية والنزاع للأجيال القادمة وتدمير أحلامهم وتبديد طاقاتهم من أجل اللاشيء الذي تحكّم بمصير العراق منذ مئة عام.

وأشعر بالخوف الشديد من ألا يفهم السيدات والسادة العظماء من أصحاب المقامات والتجارب والخبرات وقدامى المناضلين والكتّاب الكبار وأهل الاختصاص وأولاد العائلات الكرام وآخرين من ورثة الفشل والأوهام والخيبات والنكبات والهزائم وبقايا الأيديولوجيات بأن كل ما تبقى لديهم هو وطنهم الجريح العاجز، المجزوء السيادة والمُقطّع الأوصال الغارق في الفوضى والأزمات والغرائز والشعبويات، أخاف ألا يدرك كل هؤلاء، المنشغلين بالبحث عن جنس الملائكة، أنّ ما يبرر وجودهم في العراق الآن، هو التعبير عن الخوف الشديد على العراق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك