المقالات

هل تؤدي مظاهرات العراقية إلى ربيع عراقي؟


محمد كاظم خضير

 

الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق ، ما هو مداها؟ وهل يمكن أن تتحول إلى ربيع عراقي تحدث تغييرا سياسيا جذريا طال انتظاره ؟

من المؤكد أن الاحتجاجات حالة فريدة غير مسبوقة في تاريخ العراق حيث كسر المتظاهرون القوالب العشائرية والحزبية التي حكمت العراق منذ 200‪3 وتحرروا من مشهد القطيع المألوف لجهة نزول الآلاف إلى الشارع ولكن في إطار عشائري وحزبي ليهتفوا بشعارات الولاء والفداء للزعيم الحزبي والطائفي.

ولطالما تعودنا في العراق على أن الشارع يقابله شارع سواء كان شارع التكتلات السياسية الفتح او ساىرون  أو شارع الطوائف والمذاهب. وكان الاعتقاد السائد استحالة تحرر العراقيين من مشهد القطيع. لكن ما فعله المتظاهرون في توحدهم من مختلف المذاهب والمناطق فاق كل التوقعات. مشهد سقطت معه كل المحرمات وتوحدت معه المطالب بمطلب أساس وهو إسقاط الطبقة السياسية الحاكمة بدون استثناء لأي زعيم.

لقد نجحت الاحتجاجات في إحداث علامة فارقة في تاريخ العراق ووضعت حجر أساس يبنى عليه الكثير في المستقبل لكنها محكومة بعوامل كثيرة يستحيل معها أن تتحول إلى ربيع عارمة شاملة تقلب المشهد السياسي رأسا على عقب للأسباب التالية:

أولا: إن العراق ليس شأنا داخليا بل هو ملعب إقليمي وساحة مكشوفة للصراع بين القوى الدولية والإقليمية المعنية في الشرق الأوسط. وبالتالي فان القوى الإقليمية المتجذرة في العراق تعتبر بمثابة الدولة العميقة التي يصعب اجتثاثها باحتجاجات مطلبية بحتة. وبالتالي لا يمكن عزل الاحتجاجات على نقاوتها واستقلاليتها عن البعد الإقليمي.

ثانيا: إن الاحتجاجات ربما فاجأتنا نحن كمراقبين لكن يستحيل أن تبقى بمنأى عن الأجهزة الأمنية خصوصا وأن العراق اشتهر عبر التاريخ بأنه أنشط ساحة لأجهزة المخابرات المحلية والعربية والعالمية. وبالتالي فان مسار الاحتجاجات يصبح لاحقا ضمن حسابات الأجهزة العربية والإقليمية التي تستطيع أن تحرف المسار وتصوبه وفقا لأجندتها.

ثالثا: استحالة المطلب الذي يجمع عليه المتظاهرون وهو إسقاط الطقم السياسي دفعة واحدة حيث بالإمكان إسقاط الحكومة وهذا أمر سهل إذ يكفي إعلان رئيس الوزراء استقالته لتسقط الحكومة بأكملها. وفي هذه الحالة فان النظام سيعيد تشكيل حكومة جديدة ويبقى الحال على ما هو عليه لجهة المحاصصة الطائفية.

أما إسقاط رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ومعه أعضاء البرلمان فهذا من سابع المستحيلات لان ذلك يعني فراغا دستوريا في السلطات الثلاث وهذا لم يحصل في العراق.

رابعا: عدم وجود قيادة واضحة للحراك الشعبي مع غياب البرنامج السياسي الموحد للتغيير المنشود. حيث يطرح المحتجون مروحة واسعة من المطالب المشروعة لكنها متباينة وقد تتحول سببا لخلافات سياسية واسعة بين المحتجين أنفسهم.

خامسا: إن مطالبة بعض المحتجين  الجيش بالقيام بانقلاب عسكري فهو وإن دل على ثقة الشعب العراقي بالجيش إلا أن هذا المطلب دونه الكثير من العقبات أقله انه يعيد الأزمة إلى المربع الأول.

سادسا : إن العراق يمر بأزمة مالية خطيرة ومصيرية غير مسبوقة وتتطلب حلولا سريعة لإنقاذ العراق من الإفلاس وبالتالي فان أي فراغ دستوري في السلطات لن يحقق مطالب المحتجين بل سيضع البلد أمام احتمالات قاتمة تضع مصير العراق أمام المجهول.

سابعا : إن العراق محكوم بالتسويات وبمعادلة لا غالب ولا مغلوب وهذا يعني أن أقصى ما يمكن أن نتوقعه من الاحتجاجات بلورة تسوية تبلسم الجروح وتجمل الوضع لكنها لا تنتج حلا جذريا بانتظار فرصة إقليمية تسمح بإنتاج حل نهائي للازمة العراقية وهذه الفرصة مازالت غير منظورة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك