المقالات

بين الرفض والقبول ..الاتفاق العراقي - الصيني .. ومصلحة البناء *


عبدالزهرة محمد الهنداوي

 

كثُر الحديث عن الاتفاق الذي ابرمه العراق مع الصين قبل عامين  ، وتقاطع المتحدثون في مواقفهم وارائهم بشأن هذا الاتفاق ، ففريق خائف متطير لحد الذعر ، بصرف النظر عما اذا كان هذا الخوف حقيقيا نابعا من الحرص على مصلحة البلد ، او انه خوف مدفوع الثمن !!، وبين ، من يتحدث عن مخرجات الاتفاق مرحبا مهللا ، راسما صورة وردية لما سيحدثه الاتفاق في الواقع العراقي ، ولكن اذا مااردنا ان نجري مقايسة بين وزن وحجم الفريقين "المختلفين" ، نجد ان صوت الطرف المهاجم الخائف ، اشد تأثيرا ، وبين الطرفين ، ثمة طرف ثالث ، ذهب الى التقليل من اهمية وشأن الاتفاق ، واصفا اياه بالزوبعة الاعلامية التي لاقيمة لها ولا اثر ..، واللافت للنظر ، ان هذا الانقسام الحاد بشأن هذا الاتفاق ، لم يقتصر على الطبقة السياسية مثلا ، انما ضرب الواقع العراقي بجميع مفاصله .

ولذلك في ظل هذا المشهد بزوياه الحادة ، قد نحتاج الى الكثير من التوضيح ، سواء بما يتعلق بتفاصيل ومخرجات الاتفاق ، او بما يتعلق باليات وتقنيات التنفيذ ، وما قد يترتب على الاتفاق من اثار إيجابية كانت ام سلبية  ..

وهنا نريد ان نتحدث عن الاتفاق من حيث تقنيات واليات التنفيذ ، على وجه التحديد ، فهناك من يقول  ان الصين التي يحكمها الحزب الشيوعي ،  ستقوم باحتكار عملية التنمية ، ومن ثم ربما تفرض إرادتها  السياسية فيما بعد  في العراق ، وبالتالي فانهم سيفرضون شروطا قاسية علينا ، وفي واقع الحال ، انه لايوجد شيء اسمه الاحتكار ، فالاتفاق مع الصين ، ليس هو الاتفاق الاول او الاخير وليس الوحيد الذي يبرمه العراق مع بلد اجنبي ، فهناك العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع دول وشركات عالمية معروفة ، فضلا عن ذلك ، فان الاتفاق  ، يتيح للعراق التعاقد مع شركات عالمية غير صينية ، لتنفيذ المشاريع التي يتفق عليها البلدان ..ولذلك اقول ان الاتفاق مع الصين ، ربما حُملّ اكثر من طاقته ، مدحا وقدحا ، قبولا او ورفضا ..ولكن ، هنا ثمة سؤال يُطرح بقوة ، هو ، لماذا الصين على وجه التحديد ، هي من كانت وجهة العراق لابرام مثل هذا الاتفاق ، دون غيرها من البلدان ؟!!، هنا وفي معرض الاجابة عن هذا التساؤل المنطقي ،  ثمة قضية ، ينبغي الالتفات اليها ، ونحن نخوض في أبعاد واهمية الاتفاق مع الصين ، ونتساءل ايضا ، لماذا لم نذهب باتجاه شركات عالمية رصينة من جنسيات مختلفة ، ومن المؤكد ان سباسة من هذا النوع ، من شأنها ان تحقق لنا  هدفين مهمين  ، الاول ، هو اننا سنحقق توازنا ستراتيجيا اقتصاديا وسياسيا مع العالم ، وفق شبكة علاقات اقتصادية متكافئة ، وبذلك نضمن وقوف تلك البلدان معنا وفق مبدأ (اطعم الفم تستحي العين) والعالم كله ، يعمل اليوم وفق هذا المبدأ ،"المصالح المشتركة"  ، اما الهدف الثاني ،  ، فهو اننا سنضمن تتفيذ المشاريع ، وفق الية تنافس تستند الى رصانة وكفاءة وقدرة الشركات على التنفيذ ، وفق التوقيتات والجودة المطلوبة ، وهذا امر في منتهى الاهمية ..ومن هنا اعود اعود الى النقطة الجوهرية ، التي ربما كانت احد الاسباب الاساسية ، التي دعت العراق الى ارتقاء سور الصين العظيم  ،  ، وهي ، ان الصينيين ، اكثر اقداما وشجاعة من الدول الاخرى ، ولديهم استعدادا عاليا للدخول والاستثمار في مناطق الاحداث الساخنة ، فيما تتهيب الدول الاخرى الدخول في مثل هذه المناطق ، ومنها العراق ، ولدينا  من الامثلة على تردد الكثير من الشركات والدول من الدخول الى العراق ، بل وتلجأ تلك البلدان  الى وضع قيود مشددة على شركاتها ومواطنيها ومنعهم من الذهاب الى العراق ..

اما الصينيون ، فلا يترددون ولا يتهيبون ، فضلا عن ذلك ، فانهم - بوصفهم دولة عظمى - يمتلكون قدرات ممتازة في اغلب المفاصل التنموية ، وهذه قضية مهمة ، نحن بامس الحاجة اليها ازاء ماتشهده التنمية من تردٍ في جميع مفاصلها ..ومن المؤكد ايضاً ، ان دخول الصينيين بقوة الى العراق ، سيفتح باب التنافس بقوة ، مع بلدان وشركات عالمية اخرى ، ويشجعها على الدخول الى العراق ، لانهم سيزيلون عقدة الخوف لدى الاخرين ، وهذا امر مفيد بالنسبة لنا ، هذا من جانب ، ومن جانب اخر ، ونحن نتحدث عن تقنيات واليات الاتفاق ، فيمكن القول ، انه يمثل يمثل اطارا عاما للتعاون وفق مبدأ (النفط مقابل الاستثمار) ، وهذه الالية ليست جديدة ، انما تنتهجها بلدان اخرى ، وتعد وسيلة ناجعة وذات اثار اقتصادية سريعة ، وعندما جرى التوقيع على الاتفاق في بكين على مرحلتين في عهد حكومتي السيد حيدر العبادي ، ثم السيد عادل عبدالمهدي ، كان الاتفاق عاما ، اتفق خلاله الطرفان على الاطارات والمسارات التنموية العامة ، فيما تُركت التفاصيل التي تتضمن المشاريع الى حين دخول الاتفاق حيز التنفيذ التي ستحدد ، حسب اولويات التنمية في العراق ، لذلك كان الاتفاق ان تكون البداية ، من البنى التحتية ، ومن ثم تأتي باقي القطاعات ..طيب ، اذا كان الأمر كذلك وبهذا الوضوح ، فلماذا الخوف إذن ، هل ثمة ما هو مخفي ، من بنود الاتفاق  ، مايدفع الخائفين  إلى توجيه سهام نقدهم له بهذه القسوة ؟!!

في الحقيقة ، لايبدو ان هناك ما هو خاف او تم اخفاؤه لأغراض مريبة ، لاننا نتحدث عن اتفاق ، او مذكرة تفاهم  ، تدخل في صلاحيات الحكومة  ممثلة بوزارات   ومؤسساتها الدولة  المختلفة ، اما فيما يتعلق بقانونية الادراج والانفاق على المشاريع  التي سيتم تمويلها من الأموال المتحققة من هذا الاتفاق ، فان ، القاعدة تقول ، أن لا إنفاق  من دون قانون ، لذلك سيتم تضمين المشاريع الممولة من (النفط مقابل الاستثمار) ، في قانون الموازنة ، التي سيصوت عليها مجلس النواب ، واعتقد ان هذه الالية ، من شأنها تبديد المخاوف ، وضمان تنفيذ المشاريع ، من دون طعون او اشكالات قانونية .

خلاصة القول ، ان وضع العصي في العجلات من شأنه ان يربك ويؤخر تنفيذ المشاريع ، نحن اليوم بامس الحاجة الى انطلاق تنفيذ المشاريع التنموية بقوة ، بعيدا عن التأثيرات والشعارات السياسية ، التي لم نقبض منها سوى الركام ..

ــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك