حمزة مصطفى
في الولايات المتحدة الأميركية يتصارع الآن حزبان "الجمهوري والديمقراطي" لخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة؟ هذان الحزبان يتقاسمان في هذا البلد السلطة منذ مايزيد على 200 سنة. لايوجد حزب ثالث يستطيع إنتزاع الحكم منهما. كل أربع سنوات وأحيانا ثمانية لحزب ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية. وعلى مابينهما من صراع آخره مسعى الديمقراطيين في عزل ترمب الجمهوري عبر معركة هي الأشرس بين الحزبين منذ عقود لا أحد يستطيع أن يقدح بالديمقراطية الأميركية. في الوقت نفسه فإن كلا الحزبين لايأتيان عند تسلم السلطة بمستقلين ولابتكنوقراط كشروط مسبقة لتشكيل الحكومة أو الإدارة مثلما يطلقون عليها.
في بريطانيا يكاد يتطابق الأمر تماما عبر حزبين رئيسيين هما العمال والمحافظون. وكلا الحزبين يخوضان نفس الصراع وبنفس الآليات والأدوات منذ عقود. ومثلما خاض الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة الأميركية معركة عزل ترمب, فقد خاض العمال والمحافظون معركة خروج بريطانيا من الأتحاد الأوربي "بريكست". المعركة كانت في غاية الصعوبة والتعقيد لكن في النهاية نجح بوريس جونسون ذي الأصول الشركسية من الفوز بالأغلبية في الإنتخابات البرلمانية ونفذ ماتعهد به وذلك بخروج بريطانيا من القارة العجوز نهاية الشهر الماضي.
في المانيا التي تحكمها سيدة حديدية هي إنجيلا ميركل والتي تتشابه مع سيدة حديدية حكمت بريطانيا في الثمانينات وشطر من تسعينيات القرن الماضي مارغريت تاتشر تتحكم قواعد اللعبة الديمقراطية بين حزبها اليمين الوسط مع الأحزاب الرئيسية في بلادها. لايختلف الأمر كثيرا في فرنسا أو النمسا أو السويد أو هولندا. بل حتى في بعض التجارب الديمقراطية في العالم الثالث فإن اللعبة الديمقراطية تقوم على أساس واحد وهو أحزاب سياسية تتداول السلطة فيما بينها عن طريق تمثيل برلماني تحكمه صناديق الإقتراع. بعضها قد يشكل حكومة لوحده أو يتآلف مع حزب آخر أو حزبين فيشكلان حكومة إئتلافية.
يحصل هذا حتى في إسرائيل قبل أن تدخل معركتها السياسية الآن بين حزب الليكود بزعامة نتيناهو وحزب العمل أو حزب أزرق أبيض معركة كسر عظم أدت بهم الى إجراء ثالث إنتخابات برلمانية في عام واحد. بعد أن إستعرضنا هذه التجارب وهناك عشرات أخرى مثلها أو مقاربة لها فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو .. لماذا نبدو نحن في العراق مختلفون عن الآخرين؟ لماذا تخوض أحزابنا الإنتخابات كل أربع سنوات ويحصل مايحصل فيما بينها من حروب ومعارك وتسقيط ومال سياسي وعندما نريد نشكل حكومة نقول .. قفوا؟ لماذا؟ نريد نشكل حكومة مستقلين وتنكوقراط؟ إذن لماذا أجرينا إنتخابات؟ بل لماذا نتقاتل حتى نفوز في الإنتخابات وبعد الفوز إما يجري إقصاؤنا من المعادلة السياسية إما تحت ذريعة التكنوقراط والمستقلين أو لأن كتلتين أو أكثر يتفقان على تشكيل حكومة "من جوة عباية الديمقراطية" ولايضمنان نجاحها أو يتعهدان بذلك؟
في الديمقراطيات لايوجد مزاح ولا أمزجة. أنت إما ديمقراطي تتقبل النتائج فوزا أو خسارة وتبني عليها سلوكك القادم في العمل السياسي أو أنت لاتؤمن بقواعد العمل الديمقراطي لكن عليك الإفصاح عن ذلك بحيث تذبحها على قبلة .. التكنوقراط والمستقلين دون "دوخة رأس" المفوضية والقانون والإنتخابات و"طلعت الصناديق ودخلت الصناديق, إنفرزت الصناديق, إحترقت الصناديق"... شني هاي
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha