المحامي / عبد الحسين الظالمي
قسم النظام الديمقراطي الجديد في العراق وبشكل عرفي المواقع الرئاسية الثلاثة حسب حجم المكونات في العراق لذلك اعطى المكون الشيعي المنصب التنفيذي الاول ( رئيس مجلس الوزراء ) واعطى المنصب التشريعي للمكون الثاني السني( رئيس مجلس النواب ) واعطى منصب رئيس الجمهورية للاكراد وهذا كما ذكرت جرى باتفاق سياسي ثم اصبح عرفا سياسيا منذ الانتخابات الاولى ولحد الان .
لحد الان ليس هناك ما يوجب الاعتراض على ذلك باعتبار ان الشراكة ضرورية في بلد لازال حديث العهد على هكذا نظام حكم . ولكن بالعودة الى علة التوزيع والتخصيص نجد ان هذا التخصيص اصبح نقمة على البعض ورحمة على الاخر ففي الوقت الذي كان المنصب الاول للمكون الاكبر وهو الشيعة اصبح هذا المنصب نقمة على هذا المكون ، صحيح انه كحاله معنوية اعتبارية قد يكون ادى غرضه، ولكن كخدمة لهذا المكون اصبح نقمة عليه فكل سلبيات الموقع معصوبة برأس الشيعة واغلب الايجابيات تذهب للاطراف الاخرى التي تحاول ومع كل فرصة تسنح ان تبتز صاحب هذا الموقع وبوسائل شتى منها الضغط السياسي او بواسطة التدخل الاقليمي او الدولي او من خلال استغلال الاحداث الداخلية في البلد او استغلالا للتناحر والخلاف الذي يحدثه الموقع نفسه لاصحاب الاستحقاق نفسه .
قراءة بسيطة لسير الاحداث منذ تسلم الشيعة لهذا الموقع يجد القارىء ان الاطراف الاخرى وخصوصا الاكراد هم اكثر استفادة من مواقعهم المتاحة لهم في الحكم وهذا لا يعود الى ذكاء او شطاره او اكثر اخلاص او نزاهة بل يعود بالدرجة الاولى الى اختلال اخلاقيات المشاركة في بلد يفترض ان يكون للجميع من شمالة الى جنوبه ولكن الواقع اثبت خلاف ذلك من خلال حدة الصراع على اسلوب (من يستغل من ) ويحظى باكبر قدر من الكيكة.
وللاسف هذا المنهج عبر من الفضاء الوطني الى فضاء المكونات نفسها ولكنه اكثر شدة في المكون الشيعي صاحب الموقع الذي يفترض ان ينعكس ايجابا على اكبر شريحة مظلومة في العراق لكونها مظلومة اولا ولكونها الاكبر ثانيا ولكونها المضحية بالنفس والمال ثالثا ، فاغلب موارد العراق من تحت اقدام الحفات من ابناء هذا الكون وهم المسؤولين عن الدفاع عن هذا الوطن والتضحية من اجله لانهم الحكام.
ولكن الحقيقة حكام ليس في المغنام بل في المأسي والفشل فالاكراد حكام في الاقليم وشركاء في الباقي بكل التفاصيل مناصب والثروات ولاخر لا يشاركهم حتى في موقع مراقب في الاقليم لا بالمنصب ولا بالثروة ولا بالاعتبارا !! ، من حقهم التدخل في تعين او عمل اي منصب سيادي في العراق وليس من حق الحكومة المركزية التدخل في اي قضية في الاقليم حتى لو كان ضررها ينعكس على عموم البلد فالواقع يقول الاسم فدرالية ولكن الحقيقة كونفدرالية ولاختلاف كبير بين النظامين .
اما المكون الثاني قد يكون اكثر انصهار ومشاركة في نظام الحكم ولكن يستغل الفرص المتاحة لخلق التوازنات مع المكون الاكبر واستغلالها لجلب منافع اكثر من الطرف الاخر مستفيدا من فكرة التهميش الذي صورها وكانها الحقيقة ولكن في الواقع خلاف ذلك فهو شريك في اغلب المواقع وله حصة الاسد .
نتيجة لذلك اصبحت الخسارة الاكبر من هذا المنصب تصيب المكون الاكبر فهو يتحمل الفشل والتضحية من جهة ويتحمل اعباء التراجع والتخلف نتيجة انشغالة بترضية الشركاء وكسب ودهم من اجل الاستمرار في موقع لم يجني منه سوى تحمل الفشل ، صحيح ان اصحاب الموقع لهم الحصة الاكبر في هذه النتيجة ( الفشل ) نتيجة تناحرهم واختلافهم وفساد البعض منهم ولكن لا نغفل دور الاخرين في عملية الافشال نتيجة التأمر من جهة ونتيجة الضغوط واستغلال الفرص وعدم التقيد بمنهج المشاركة الحقيقية في السراء والضراء من جهة اخرى.
لذلك نرى ان موقع رئيس الوزراء لم يحصد منه الشيعة سوى الاعتبار المعنوي فقط اما غير ذلك فقد ادى الى تنازلهم عن حقوق مواطنيهم الى درجة ادت ان انفجار ابناء هذا المكون الذي جعل الشركاء الاخرين يقفون موقف المتفرج على الانفجار بل الادهى من ذلك يتم استغلالة باقصى درجات الاستغلال بل وتغذيته دون ان يسمحون بامتداده الى ساحاتهم ، احداث سابقة تثبت هذا التصور ولكن اكثر الاحداث وضوحا في هذا الاتجاه هما حدثان الاحتجاجات الاخيرة وموقف الاخرين منها وحدث عدم تمرير حكومة محمد توفيق علاوي رغم ان الاخير يتحمل جزء من فشل عدم التمرير ولكن الجزء الاكبر يقع على الاطراف الاخرى التي استغلت منهج المشاركة الوطنية لتحوله الى سيف يقطع راس الطرف الاخر حال ان يكون قد اينع للقطف بدلا من مد يد المساعدة لانقاذ الشريك لكون النتيجة تعني ضرر الشركاء جميعا اذا كانوا فعلا شركاء . من هنا نسال منذ اول حكومة الى الان من هو المستفاد الاكبر من هذا التقسيم العرفي
للمواقع الرائيسة في العراق ؟ والواقع يجيب اصحاب النفط والمنافذ والزراعه ولاهوار والنخيل والماء والخضراء واصحاب التضحيات دفاعا عن الوطن هم الفقراء دون ان يحصلون على الوجه الحسن وغيرهم ينعم في خيرات العراق تخريبا وبناء ؟ وسوف يستمرون في ذلك طلما ان هناك اجواء وفرص تسمح بذلك والنتيجة ملخصها ( يزدادون تطور ومشاركة ونزداد فقرا وتخلف وتحمل اوزار الفشل بحجة اننا ام ولد وحكام صورين لهذا البلد ).
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha