أسعد عبدالله عبد علي
شهد عام 40 للهجرة حادث اليم جدا, وهو شهادة الامام علي (ع), في ظل ازمة سياسية كبيرة خلقها معاوية ابن ابي سفيان, وما تبقى من حزب السقيفة واحفاد مشركي قريش, فكانت السماء ملبدة بالغيوم ليلة استشهاد بطل الاسلام والمدافع عنه في كل حروبه ضد المشركين والمنافقين, المحنة الاكبر عندما يكون عدوك خسيس وغير نبيل فتوقع منه ان يفعل كل قبيح في سبيل اهدافه, وهذا تماما ما فعل معاوية واعداء الامام علي, في سبيل ترسيخ فكرتهم الظالمة في ذهن الامة.
فكانت مرحلة جديدة من الانحطاط, قادها معاوية ورؤوس النفاق وذيول قلاع اليهود, والهدف احداث تغيير تاريخي.
· تسخير العملاء وشراء الذمم
انتهج معاوية سلوك خبيث عبر تجنيد العشرات من العملاء (من كبار المنافقين واليهود), ممن ادعو القرب من الرسول الخاتم (ص) والايمان, مع انهم كانوا جنود مطيعين للمال الاصفر, وقد بذل لهم معاوية الاموال الطائلة والمناصب العالية مستغلا كونهم ممن عاصر عهد الرسول (ص) او مقربون من احد الصحابة, والهدف وضع احاديث كاذبة مدعين صدورها عن الرسول (ص), للتأثير عن الامة وتشويش افكارها على مستوى الاعتقاد والسلوك والعبادة, فكان ضمن حملة معاوية الخبيثة ضخ اكاذيب مثيرة ضد الامام علي (ع) بهدف التقليل من مكانته في الاسلام.
ان معاوية لم ينسى انه كان راس الكفر هو وابوه, وان علي ابن ابي طالب هو من هد غطرستهم واذلهم, ولا ينسى ان الرسول (ص) سماهم بالطلقاء, فكان يسعى للانتقام من رموز الاسلام ومن الاسلام, عبر خطة الاساء لعلي ابن ابي طالب باحاديث يضعها الكذابون من رواة الحديث, فلا يجد ما يثبت ملكه الا عبر بث الاكاذيب, لتصبح دين يدين به الناس, وهو بذلك ينتصر لهبل من الاسلام.
كانت قلوب الامة متجه نحو الامام علي (ع) بسبب كم الفضائل المنقولة عنه, وعن دوره العظيم في نصرت الاسلام وتثبيت الرسالة الخاتمية, فكان معاوية يحاول انتزاع مقام الامام علي من قلوب الناس, فينقل شارح المعتزلي عن شيخه ابي جعفر الاسكافي انه قال: "ان معاوية وضع قوما من الصحابة والتابعين على رواية اخبار كاذبة في على عليه السلام, تقتضي الطعن فيه والبراءة منه, وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله, فاختلقوا ما ارضاه, منهم ابو هريرة, وعمرو بن العاص, والمغيرة بن شعبة, ومن التابعين عروة بن الزبير".(شرح ابن ابي الحديد المعتزلي ج4 ص63).
· نموذج من الافتراءات بحق الامام علي
قال ابو جعفر الاسكافي : قد روي ان معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة الف درهم حتى يروي ان هذه الآية نزلت في علي بن ابي طالب: (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام, واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)) (سورة البقرة 204و205). وان الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله تعالى (( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله)), فلم يقبل بالمائة الف درهم فبذل له مائتي الف درهم, فلم يقبل, فبذل له ثلاثمائة الف درهم , فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف درهم, فقبل. ـــ شرح ابن ابي الحديد ج4 ص73 ـــ.
وقد شجع معاوية سب الامام علي على المنابر واعتبرها سنة جارية, وفاعلها يتقرب الى الله بهذا العمل, فانظر الى سذاجة عقول الامة التابعة للسلطة, وهي تفعل اقبح القبائح وتصدق ما يقوله معاوية وجيش الكذابين, فاصبح شتم الامام علي عقيدة راسخة لهم, لا تكتمل صلاتهم الا بسب الامام علي, فاصبحوا يعملوها بكل شوق ورغبة, وعندما حاول عمر بن عبد العزيز منع سب الامام علي اعتبروه اقترف شيئا فضيعا ومن الكبائر!
· مظلومية الامام علي في عصرنا الحاضر
مازال الامام علي يتعرض للظلم الى يومنا هذا, وكيف لا والكذب الذي صدر في حقه يقدس ودين يتعبد فيه, فالمكتبات الاسلامية تحتفظ بكتب الاكاذيب لا بل تقدسها وتعظمها وتدرس طلاب العلم على ما جاء فيها معتبريه الصدق الذي لا يقبل غيره, ومازال شيوخ واساتذة لا هم لهم الا بالدفاع عن المنافقين والكذابين, ورفض كشف قذاراتهم التي حصلت منذ 1400 عام, الى اليوم أبي هريرة عند الامة رمز كبير لا يجب المساس به! مع انه حقيقته واضحة كالشمس, وقد كتب عن كذب ابي هريرة الكثير من المنصفين, من كل المذاهب, لكن بدل ان يزال كذب هذا الرجل الهريري, ازداد التمسك به, وهذا مثال عن الانحطاط في الامة.
اليوم.. المدارس الدينية في كل المذاهب مدعوة الى التماس الحقيقة بدل التمسك بأباطيل مرتزقة معاوية, عليهم ان يغربلوا التراث الديني, ويكون انصاف للحقيقة المغيبة, وكشف للكذب الفج الذي اسسه معاوية وساعده حفنة من الوضاعين, وعلى الاعلام ان يعري اكاذيب الماضي, كي تفهم الاجيال الجديدة حقيقة ما جرى في الامس, وكي تتخلص الامة من اسر قيود السلف.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha