حمزة مصطفى
لا أحد يختلف على المعلم الذي دعانا أحمد شوقي مشكورا أن نوفه التبجيلا (قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا). نعم لاشك في ذلك. كلما نحتفل بعيد المعلم نستعيد "وأحنه الممنونين" هذا البيت الذي إشتهر أكثر من "مكر مفر مقبل مدبر معا". وكلما نلتقي من تبقى من معلمينا على قيد الحياة نقوم بكل مايستلزمه واجب التوقير والتبجيل والإحترام وأحيانا التقديس لهم "مومثل جيل هالوكت". وإذا كانت "كاد" شوقي هي للحيلولة دون إنتهاك المقدس الديني بإعتبار أن الرسل والأنبياء هم إختصاص الهي بحت, فلا أحد يشك أن المعلم هو أحد رسل العلم الذين فتحوا الأبواب أمام الجميع, وأول هذا الجميع الأطباء من أبي قراط الى لقمان وباستور الذي بستر الحليب كما يقول سمير عطاالله وحط إيدك.
اليوم حيث كورونا أحد أكثر الأوبئة فتكا فإن الأجهزة الصحية من أطباء وممرضين ومسعفين هم خط الدفاع الأول لمواجهة هذا الفايروس الشرس. عند هذه النقط يتساوى الجميع, المعلم الذي كاد أن يكون رسولا أو صانع الكمامة والكفوف على طريقة صناعات زمن الحصار (نعال يتحول الى إبريق وإبريق يتحول الى شحاطة). ليس أمام الجميع سوى إتباع إرشادات الطبيب الذي لم يمنحه لا شاعر ولا فيلسوف ما عدا المغنيين إهتماما يذكر. الجميع مدعو الى التباعد الإجتماعي في الأسواق بينما مؤذنو الجوامع يدعون بكل إحترام المؤمنين الكرام الصلاة في البيوت لأن كورونا "ماعدنه يمه إرحميني".
حتى الحرز لم يعد مفيدا بعد اليوم طالما كبار رجال الدين من كل الأديان والمذاهب يرتدون الكمامة والكفوف ويتناولون يوميا بعد "الريوك" الزنك وفيتامين سي. فالصحة تاج على رؤس الأصحاء, المؤمنون والمدمنون. نعود الى الطبيب ولايهون المعلم. فالطبيب ناهيك عن باقي عناصر الجسم الطبي فرض نفسه ليس بوصفه كاد أن يكون رسولا "الإشوية", بل هو اليوم الفدائي الأول على جبهة محاربة كورونا. هو الجيش الوحيد بالعالم الذي يقاتل على طول جبهة عريضة تمتد من سور الصين حتى كسرة وعطش ضد عدو هو الأشرس من كل الجيوش الحاملة مختلف أنواع الأسلحة. فضحاياه في حال إنهار خط الدفاع الطبي الأول يمكن أن يفوق ضحايا أية حرب كونية بمن فيها الحروب النووية التي كان حتى شهور قليلة مضت يهددنا بها كيم جيم أونغ المهزوم الآن من كوفيد 19. الأطباء توزعوا في جبهات القتال بين من يقاتل من أجل العلاج ومن يقاتل من أجل الوقاية ومن يقاتل من أجل المناعة.
وطبقا لمتابعاتنا اليومية فإنه في الوقت الذي يقدم الأطباء يوميا كل أنواع النصائح الكفيلة بالحد من الوباء,فإنهم ينشغلون في الأبحاث الخاصة بإمكانية إيجاد علاج أو لقاح أو حتى معرفة الخريطة الجينية لهذا الفايروس. صحيح أن الأبحاث العلمية بمن فيها الهندسة الوراثية وهندسة الجينات وماترتب عليها من تقدم علمي هائل في الكشف عن أسرار الجسم البشري قد تكون جاوزت حدودها المعقولة, فإن الطموح العلمي يبقى أمرا مشروعا بصرف النظر عن النتائج شريطة أن لايذهب العلماء بعيدا في اللعب بالجينات لأن الخفاش خصوصا في الصين .. ماعنده صاحب صديق.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha