المقالات

علي ومحراب السياسة  

1695 2020-05-15

سجاد العسكري ||

 

    لم يقتصر اهتمام الاسلام على جانب دون جانب اخر ,فلم يصب كل اهتمامه على الشؤون العبادية فقط لا بل كانت نظرته تكاملية لكل الجوانب التي ترتبط بشؤون الأنسان وعلاقتها ببعض على مستوي الفكر والممارسة , وكل ماهو مطروق في القران الكريم والسنة النبوية المأخوذة من المعصوم فقد جسده تلميذ الرسالة المحمدية علي عليه السلام في سلوكه الذي حير عقول اعدائه ومحبيه ايضا .

  فعلي عليه السلام حينما بعث بعهده الى مالك الاشتر وولاه مصر تضمنت مفاهيم اقتصادية وسياسية وشؤون ادارة الحكم على اساس المنطلقات الانسانية والاسلامية التي التي تحفظ كرامة الانسان وتنظم جميع الجوانب التي لها علاقة بشؤون الفرد على اساس العدل والحرية والمساواة التي تكفل للجميع الاستقرار والتقدم .

   لذا امير المؤمنين ع ينظر الى السياسة كما هي نظرته لصلاته وباقي عباداته , فكما للصلاة محراب فأن للسياسة محراب وقدسية ,فمن غير المنطقي او العقلي ان يقارن الجبل الاشم بسواه من منتهكي الحرمة الانسانية ,فمعاوية وعمر بن العاص ومن سبقهم كانت الدنيا اكثر همهم فلا يبالون لأوامر ونواهي الدين, لا بل حتى القواعد الانسانية  تم خرقها بحجة ان ساحة السياسة هي الدهاء والمكر لأنه امر دنيوي ,فمعاوية وامثاله يبرر الوسائل من اجل الوصول الى الغاية , فنجد الامام علي عليه السلام ينتقد منهجه بشدة فيقول(ليس معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر).

   اذن مفهوم السياسة عند الامام علي ع لها قدسية ,وكل سياسة تتعارض مع مفهوم من مفاهيم الدين فلا اعتبار لها عنده ,لايمكن اجتماع المتناقضات لديه, فالفساد والرذيلة والخبث والخداع والدهاء المكر والوصولية على حساب الدين والانسانية في قاموس علي مرفوضة بل ولايمكن المساومة عليها , وهذا ماميز سياسة امير المؤمنين ع  وان تحقيق كل غاية لابد ان يأتي بوسيلة شرعية شريفة معتمدة على القيم والاخلاق والمبادئ العليا التي اعتمدها الدين الحنيف ,بعيدا عن المنطق البراغماتي .

    فطالما كان الامام يغلب المبدأ على المصلحة ,منذ القدم الى يومنا هذا تغلب المصالح على المباديء الا عند علي ؛ فعندما اعلن التسوية بالعطاء بين المسلمين كما كان على عهد رسول الله "ص" بعدما كان هنالك تمايز في العطاء على اساس الطبقات الاوائل والمهاجرين والانصار ومن ثم اقل وهكذا ,من هنا نشاء الخلاف خلاف مصالح مادية ,اعترضوا عليه , فعترضوا طلحة والزبير وعاتباه ...,لكن الاولوية كانت للمباديء.

    وكذلك فيما يخص توليه زمام الامور عمل على توزيع الحقائب الوزارية وتغير التشكيلة الوزارية فاعتمد على عزل العناصر الفاسدة واستبدالها بعناصر مؤمنة واصحاب سمعة طيبة اجتماعيا وسياسيا معروفة بالورع والايمان , وركز في عملهم على العمل الميداني والجلوس وسماع مشاكل الناس , مع تأمين الاجتماعي للعاطلين والعاجزين عن العمل من بيت المال ,اضافة الى تشجيع التنمية الاقتصادية والزراعية عبر احياء الاراضي والغاء المحسوبية والطرق الملتوية والرشوة والحواجز العنصرية, ولم يسمع انه قرب قريب او لأجل مصلحة ما .

     كل هذا وهنالك الكثير نفهم من ان حكومة الامام علي ع , الحكومة الدينية المتكاملة وتعتمد على الرؤية الالهية الشمولية, ونحن في عصر لعبت السياسة بعقول الناس وذهبت بهم مذاهب شتى ,فما احوجنا الى فكر امير المؤمنين المستقبلي الذي لم يقيد ويقترن بزمان , وما احوجنى الى محراب علي السياسي , ونميز ونبتعد عن سياسة المكر والخداع والوصولية .

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك