المقالات

ماذا تعرف عن اسرائيل ؟!  


د .جواد الهنداوي* ||

            

              نعيش هذه الايام مناسبات تحفزّنا للتعمق في معرفة اسرائيل : يوم القدس العالمي ، بدء اسرائيل برسم خارطة  جديدة لها وهي تُقدم على توّسع جغرافي بضّم مساحات جديدة من الضفة الغربية و من غور الأردن .

        و نأملُ ،طبعاً ، ان تُسعفنا هذه المعرفة كي نتبنى ، نحن العرب ، سياسة او استراتيجية فاعلة تجاه اسرائيل . سياسة او استراتيجية فاعلة  ، بمعنى ان تكون  قادرة على اعانة الفلسطينيين في استرجاع حقوقهم و إقامة دولتهم ، وقادرة على حفظ حدود دولنا و مصالح شعوبنا من توّسع اسرائيلي ،يراه البعض سراباً او اوهام في عقول بعض الانام ،من ثوريين او حماسيين ، و تُرينا الايام بأنَّ هذا التوسع واقع وملموس وبحسابٍ زمني مُبرمج و مدروس .

   لنتعرّف على اسرائيل من الناحية السياسية و من الناحية الجغرافية و بخصوص ديمقراطيتها و حقوق الانسان .

   من الناحية السياسية ، امريكا و الغرب والأمم المتحدة و مجلس الامن ،جميعهم ،لايحسبون في اسرائيل " دولة " ، و إنما يعتبرونها " اكبر من دولة " او " دولة برعاية وبحماية دولية و اممية استثنائية " ، هي ( واقصد اسرائيل ) فوق القانون الدولي وفوق الشرعية الدولية و مستثناة من تطبيق القرارات و العقوبات الدولية ، بل هي من تفرض العقوبات على الدول والشعوب ،بواسطة امريكا .

    في الشرق ،ولدى العرب وغيرهم في المنطقة ، يرون في اسرائيل " كيان محتل و مغتصب " وليست دولة ، حتى وان أبرمت دول عربية اتفاقات سلام وتعاون مع اسرائيل ، أو أنَّ بعضها ابتدأَ بالتطبيع مع اسرائيل ، الاّ أنً الاتفاقات و التطبيع لم تغّيرا  من حقيقة اسرائيل ( كيان مُحتل و مُغتصب ) ، لدى ابناء شعوب المنطقة ، ولمْ

 تثنيّا اسرائيل من الاستمرار في سياسة التوّسع و العدوان .

   الإمعان ،من قِبلِ بعض الدول العربية ، في سياسة التنازلات لمصلحة اسرائيل وبدون مقابل ، من خلال تطبيع رسمي (مصر والأردن ) و تطبيع سريع وغير رسمي (بعض دول الخليج ) ، قابلها أمعان اسرائيل في سياسة التوسع و العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني والعربي . هذا التناقض بين قدرة بعض العرب على التنازل و الخسارة بمرور الزمن وقدرة اسرائيل على التوسّع و تحقيق المكاسب بمرور الزمن قادَ الى تعزيز دولي لاسرائيل . هذا التناقض قدّمَ أيضاً برهاناً على صواب نظرة وسلوك دول العالم تجاه  اسرائيل ، وبأنها(ايّ اسرائيل ) دولة ذو مقومات و ذات رؤية ، وتعرف كيف تتعامل مع العرب ، الذين اعتبروها كيان مغتصب و محتل ، و يقبلون عليها الآن و يتعاونون معها ، رغم رفضها لمبادراتهم للسلام ، و رغم استمرارها بالتوسّع و الإجرام !

        من الناحية الجغرافية ، ليس لاسرائيل تعريفًا جغرافياً ،كيان غير محدود و قابل للتمدّد و التوسع . و عقائدياً  هو كيان يمتد من الفرات الى النيل . و تحلمُ الآن اسرائيل بتحقيق مسعاها وهدفها ،  بالتمدد من الفرات الى النيل  ، ليس بالاحتلال وانما بالهيمنة ومصادرة إرادة القرار الاستراتيجي من دول المنطقة ، اي ،ان تكون دول المنطقة تحت هيمنة و مصلحة وقرار اسرائيل . وهذا سبب أساسي للعداء مع ايران .

     يدركُ الاسرائيليون بانهم يعانون من " عقدة الوجود " ، حيث لا شرعية لوجودهم  في فلسطين ، و مِنْ جدلية ازليّة عن تجمعّهم في فلسطين ،عن كيانهم و عن  وهمْ دولتهم ، لذا يجدون في تواطئ امريكا والغرب معهم ، و تهافت بعض العرب عليهم  ، الاطمئنان والاعتراف بانتمائهم الى دولة .

مصدر شعورهم بالانتماء الى دولة هو خارج اسرائيل وليس داخل اسرائيل . مَنْ صنع اسرائيل هي وعود وعهود بريطانية وامريكية وعربية وليس مقومات دولة (شعب ،ارض ، سلطة ،سيادة ) .

     لذا ،حرصت اسرائيل والصهيونية على  تحريم النقاش والجدل والتشكيك في شرعية اسرائيل او النيل من وجودها كدولة او الطعن بالصيرورة التأريخية لاسرائيل ، ولهذا  المنع و التحريم صفة دولية ، بمعنى مُلزمْ و نافذ في اغلب الدول الأوربية ، وشهدت فرنسا تطبيقات له واصدرت قانون تمنع ،بموجبه ، ابداء رأي تصحيحي او انتقاد او نقاش بخصوص غرف الغاز التي تعرض لها اليهود في وقت النازية . كما منعت من تداول كتاب بعنوان " وهمْ  اسرائيل " ،للفيلسوف الفرنسي المعروف " روجيه جارودي، صدرَ الكتاب عام ١٩٩٥، في باريس ، وتعرضت المكتبة التي قامت بنشره وبيعه الى الحرق والنهب و الاعتداء في وضح النهار . وعلى اثره هاجر مؤلف الكتاب ،  وترك فرنسا . آخرون ،اساتذة في الجامعات الفرنسية ، طردوا من جامعاتهم ،لانهم كتبوا آرائهم في صحة الروايات عن اضطهاد اليهود على يد هتلر . و أصدرت اغلب الدول الأوربية قوانين تُحّرم انكار او مناقشة الهولوكوست، او تناول الرموز او المواضيع المتعلقة بالهولوكوست والسامية .

   مثلما تعيش اسرائيل في اكذوبة و وهمْ بانها دولة ،

و يسوقهّا الامريكان و الغرب للعالم بهذا  الوصف ، هي ( واقصد اسرائيل ) تظهر على المسرح الدولي و تغريه برداء الديمقراطية ! بيدَ انها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية . نجدُ في اسرائيل ممارسات ديمقراطية لانتخاب سلطات تمارس جرائم احتلال وقتل و اغتيالات وحصار و عقاب جماعي ، ولكن لا نجدُ ديمقراطية .

    لا يمكن ان تقترن الديمقراطية بنظام عنصري و مُحتلْ  ، لا يمكن ان يكون النظام ديمقراطياً وهو يمارس تهميش اليهود البلاشفا ، اصحاب البشرة السوداء ، و الذين  استوردتهم اسرائيل من أثيوبيا ! و يمارس سياسة تهميش وازدراء الاسرائيلين العرب ، ويمارس القتل والإرهاب بحق الشعب الفلسطيني .

      الدول الأوربية و الاتحاد الاوربي و مجلس حقوق الانسان في جنيف يعلمون بعنصرّية النظام الاسرائيلي ضّدْ يهود من غير أصول أوربية ، ويعلمون بمعاناة الشعب الفلسطيني الثائر ضّدْ الاحتلال ،لكنهم عاجزون عن انتقادهِ او مساءلتهِ .

 

*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات . بروكسل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك