المقالات

جدلية سائسي العقول  

1293 2020-05-28

🖊ماجد الشويلي ||

 

يبدو اننا نقف على اعتاب جدلية جديدة قائمة على أساس البحث على 

(من يتحكم بمن) ؟

هل النخب  هي المؤثرة في حسم المواقف والنزاعات السياسية في البلد

أم أن الطبقات الشعبية باتت هي العامل الفاعل والمؤثر  ومن بيده حسم الصراعات والخلافات السياسية .؟

ولو افترضنا اننا حسمنا الامر واقررنا بحاكمية احدهما على الآخر  سواء كانت حاكمية النخب أم الطبقات الشعبية ، فاننا امام ضرورة تشخيص داء عضال ينخر في جسم البلد بغية علاجه وتحديد السبيل الصحيح للتعاطي معه .

فلو نظرنا الى الاسرائيليين كنخبة

في المجتمع الامريكي لوجدنا انهم صانعو الرأي العام فيه بامتياز ، ورغم ان نسبتهم من إجمالي سكان امريكا تصل ل 3‎%‎  إلا أن نسبة مشاركتهم في الانتخابات تصل لمستوى 90‎%‎ مما يجعلهم كتلة لايستهان بها .

هذه النخبة الاسرائيلية تحتل مانسبته 25‎%‎ من الصحفيين

و17‎%‎من  قادة منظمات المجتمع المدني

‏20‎%‎من اساتذة الجامعات

‏40‎%‎من شركات المحاماة في نيويورك وواشنطن

‏59‎%‎ من الكتاب والمخرجين

فضلا عن سيطرتهم على أهم الصحف الصادرة في امريكا وفي مقدمتها (نيويورك تايمز)

تسعى هذه النخبة المهمة والمميزة الى تطويع بقية الشعب الامريكي لاهدافها ومشاريعها وقد حققت بذلك نجاحات مهمة ، رغم أن من بين كل 10 أمريكيين 6 أشخاص يرفضون تبني الولايات المتحدة لاسرائيل .

لكنهم ومن خلال التحكم بزمام المفاصل المؤثرة في صناعة الرأي العام كمواقع التواصل الاجتماعي وصناعة السينما والقنوات التلفزيونية.

فقد تمكنوا من جعل المخيلة  عند أغلب الامريكيين هي البديل عن الواقع الحقيقي الذي جرى تزييفه وتحريفه بما يتناسب مع اجندات النخب الشريرة التي تسعى ليس لمجرد الهيمنة على مقدرات الشعوب والامم وانما لاعطاب قيمها وتحويلها ((لقطيع ضال حائر ليس عليهم إلا ان يحموا انفسهم من وقع أقدامه)) على حد تعبير المحلل السياسي والاعلامي الامريكي الشهير (والتر ليبمان)

كل ذلك يجري عبر إِعمال ستراتيجية( post -truth) "مابعد الحقيقة "والتي تعرف

ب((الظروف التي تكسب فيها الحقائق تأثيرا أقل في تشكيل الرأي العام مقارنة بتأثير ماتفضله العاطفة والقناعات الفردية التي يتم إيثارها على الحقائق))

فالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الموجهة ضد بلد ما تعمد لخلق ظروف وبيئة مناسبة لتترعرع فيها مخيلة الشعب وتحلق لمديات بعيدة جدا يصعب معها العودة الى أرض الواقع بسلام .

فتحصل لدى الشعب حالة من الايغال بالطوباوية وعدم السماح للذهن بالتقاط انفاسه والعودة ولو لبديهياته .

فالعودة للبديهيات هي عودة للحقيقة والعودة للحقيقة هي عودة للواقع المرير الذي عاشه وتخلص منه بفضل ثمالة مخيلته .

لكن أخطر مايمكن أن يصل اليه هذا التيار الشعبوي هو أيمانه بأن تحقيق ما آمن به وارتكز في مخيلته لايمكن تحقيقه الا بالعنف .

وبكل انواع العنف ؛ العنف الجسدي، الاخلاقي، الدعائي الاعلامي الخ...

وهنا تكون السلطة المستهدَفة أمام خيارين احلاهما مر ؛

إما أن تمارس معهم العنف المضاد ؛ أو الانسياق معهم وراء مخيلتهم نحو المجهول

((فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)) الحج (31)

إذن وبحسب ما اعتقده أن النخب هي من تتحكم بالتيار الشعبوي وإن بدا التيار الشعبوي هو المؤثر في الشارع وبدا معه وكأن النخب منقادة اليه .

نعم النخب العاجزة مهما بلغت كثافتها ستكون إما مجبرة على مجاراة التيار الشعبوي الغارق بثمالة ماوراء الحقيقة

(post-truth)

‎أو الانسحاب من الميدان بشكل نهائي

إن مايعزز رأيي بهذا الخصوص أن النخب هم سائسو العقول) أن المفكر الاسلامي راشد الغنوشي في احدى لقائاته المهمة  قال :

((عندما أخذنا معظم السلطة(في تونس) أخذناها وفق قراءة خاطئة، على أساس أننا أخذنا الأغلبية، دون أن ننتبه لميزان النخبة الذي نحن ضعفاء فيه.))

ولذلك وجدنا الامام علي عليه السلام  رغم جيشه الجرار الذي يحيط به إلا انه استشعر الوحشة والغربة  وأخذ يندب الصفوة من اصحابه قائلا ؛ "أين عمار أين ابن التَّيهان "؟ !

لما للنخبة من تأثير على الرأي العام

وعليه ووفقاً لهذا المنظور فان العبارة الادق

ليست هي ؛ أن التيار الشعبوي  المخيلاتي بات فاعلاً ومؤثرا بقدر ما أنه بات أداة للسيطرة تتحكم به النخب المضادة لتوجهات النخبة التي انبرت للسلطة وخالفت بمقتضيات حكمها اجندات الغرب المتحكم بزمام المقدرات الاعلامية والفنية والقانونية وغيرها، ووضعتها بمتناول النَزَقَةُ الذي صدرتهم  في الاعلام كواجهات للتيارات الشعبوية

حتى صدقنا بان التيارات الشعبوية الساذجة باتت هي من تعزف ايقاع التغيير وتنشد لحن المستقبل .

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك