المقالات

ألواح طينية.. إنتصار "الترترية"..!  

1559 2020-06-15

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.co ||

 

قبل عام 2014، حينما غزى الجراد الداعشي العراق، لم نكن قد عشنا بعد، ظاهرة "الإعلام الزيغي" التي نعيشها اليوم، ولكي نكون اكثر دقة وتحديدا، فإن هذه الظاهرة الشديدة الخطورة وجدت لها بيئة حاضنة، في الفترة التي تولى فيها السيد العبادي رئاسة الوزراء..قبلها لم نكن نعرف مصطلحات مثل (الجيوش الأليكترونية) أو (الذباب الأليكتروني)، وهي "ظواهر" الزيغ  الإعلامي..نعم كان التسقيط السياسي المتبادل موجودا، ولكنه ليس بهذه الوقاخة والكثافة!

ما الذي حدث؟! وكيف نمت طحالب الإعلام الطفيلي، ومن نماها ورعاها وتعهدها وأنفق عليها؟!

من باب الإنصاف ورد الشيء لإصوله، فإن حكومة العبادي لم تكن هي التي بدأت؛ بصناعة ظاهرة "الزيغ الإعلامي" وهي ظاهرة سنقارب تعريفها بعد قليل، لكن تلك الحكومة الأمريكية الهوى، وجدت أن سفارة وقنصليات "الحبايب" في بغداد والبصرة وأربيل؛ قد قطعت شوطا واسعا في هذا المجال، فتناغمت مع مخرجاتها، ووظفتها لصالحها، وها نحن نعيش نتائجها الكارثية.. 

إذا ما سحبنا مصطلح "الزيغ الإعلامي" ومخرجه "الإعلام الزيغي" على الوعي المجتمعي العام، فإنه يمثل تلك الصور الزائفة المشوهة المظللة المشوشة، المثقلة بالأكاذيب والسرابية، والتي تستخدم وسائل لا أخلاقية؛ في بناء وعي مجتمعي مُظَلَل!

"الزيغ الإعلامي" يشبه الى حد كبير"الزيغ البصري" الذي يعني إحلال صورة مزيفة، مكان الصورة الحقيقية، عندما يكون منبع الإضاءة متعدد الألوان، فتظهر على الخيال مجموعة من التشوهات اللونية، بسبب التبديد اللوني للعناصر الضوئية.

صحيح أن التعدد يثري البنية الثقافية والمجتمعية، ويعزز بهاء ألوان الفضاء الإعلامي، إلا أن التنمر والتشدد في الرأي والمصادرة على الآخر، ومحاولات الاستقطاب، أمر يعمل على شيوع ظاهرة "الزيغ" في الوعي الجمعي، التي تنتج صورة عاكسة مشوهة!

لقد كانت النتيجة كارثية بكل المقاييس، وها نحن نحصد نتائجها، أطنان من الأكاذيب، ومئلت الآلاف من الصور المشوهة، وأباطيل لا تعد ولا تحصى، حلت محل الحقائق المؤكدة، لتصنع وعيا زائِفا مُزيَفَا مُزيِفا، ويتحول كل شيء حولنا الى شك، حتى لو كان يقينا مبرما..

ست سنوات كاملة كانت سفارة الشر وتوابعها؛ تعمل بلا كلل على هذا المسار، وخلال تلك السنوات كانت الحكومة وبغباء مفرط، تتعاطى بإيجابية مع هذا النشاط الهدام، تحت عناوين التعدد والديمقراطية، بل كانت تقمع وبقوة؛ أي محاولة واعية لمقاومة الكارثة، وهكذا تحول الأنقياء الى "ذيول"، والمجاهدين الى "عملاء"، والحشد الشعبي الى مجاميع منفلتة، والأصدقاء الذين وقفوا معنا في محنتنا مع داعش، الى "طامعين" بثروتنا وكأنهم بلد جياع!

الإعلام النظيف؛ يعتمد على مدخلات ثقافية وعقائدية وقيمية وسياسية وإنسانية، تتجمع في بؤرة الوعي العام، تجمع اللون في العدسة، التي تنشر صورا مضيئة بألوان أو صور من تلك المدخلات، في تجانس يخلق نوعا من الجمال العاكس، أما إذا ما كانت المدخلات متناحرة الألوان؛ كان الانعكاس زائفا مشوها.

"ابطال" هذه القصة وأدواتها القذرة لتزييف الوعي، بات علينا أن نحترمها، وأسماء مثل"دكمة" و"عكروكة" و"حسوني الوسخ"، تشغل اليوم مساحتها من وعينا المُزَيَف،  بل ونستقبل "الترترية" في مجلس النواب..وحتى مرجعيات دينية محترمة وصفتهم بالمنتفضين والثوار، ثم ما لبث هؤلاء أن تحولوا الى "ناشطين مجتمعيين"؛ ولاحقا الى "ناشطين سياسيين"، وهاهم شركاء سياسيين، ومستشارين رسميين وفي أعلى المقامات!

كلام قبل السلام: نتذكر هنا قوله جل في علاه" مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى"  النجم ـ17.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك