أما "أبوالحصين" فهو جنس ثالث لا هو بالواوي ولا هو بالثعلب ولا هو منزلة بين المنزلتين بينهما. لكنه مع ذلك ترك تراثا فلسفيا من مقولة واحدة. ملخص تلك المقولة أن "أبوالحصين" حين جاءه أحدهم فرحا جذلا لعله من فصيلته قد يكون الواوي أو الثعلب زافا له خبر إرتفاع مياه الشط, فما كان منه الإ أن أطلق تلك المقولة التي ذهبت مثلا بين الناس لا الحيوانات وهي "إن صعد لك, وإن نزل لك". أي أن القضية بالنسبة له "يك حساب". فأبو الحصين مثله مثل الواوي والثعلب لايهمه إن إنهار سد الموصل بالعراق أو اليسو في تركيا أو النهضة في أثيوبيا نتيجة فيضان أو إنحسر ماؤه طالما أن حصته بموجب القانون الدولي غير المكتوب هي "لكة". فأبو الحصين لايزرع مثل راشد ولا يحصد مثل زينب ولا نية لديه لإنتاج الكهرباء من المياه بل يأخذ حاجته الفزيولوجية فقط لكي يعيش وهي مقدور عليها بصرف النظر عن كمية الماء في المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط أو شط العرب أو نهر الخر. الأمثال بحمد الله تعالى تضرب ولا تقاس. وإنطلاقا من هذه الحماية الفكرية بإمكاني طرح السؤال التالي.. حين كانت أسعار النفط قبل بضع سنوات تزيد على الـ 120 دولار للبرميل الواحد هل كانت رواتب المتقاعدين وصغار الموظفين أعلى من معدلاتها الحالية؟ الجواب لا. وحين هبطت أسعار النفط عام 2014 بحيث طارت الموازنة كلها ذلك العام هل سلمت الحكومة الموظفين والمتقاعدين أقل من مستحقاتهم الرواتبية لا المالية لأن هنالك فرقا بين الراتب وماهو مالي (الأخير يدخل في باب الإمتيازات التي لايشمل بها الإ من تنطبق عليه المقولة الخالدة ذو حظ عظيم )؟. حين تسلم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي السلطة عام 2014 قال تسلمت موازنة خاوية (عن الحلال والحرام قال وجدت فيها 3 مليارات دولار). هذا الكلام كان ولايزال على ذمته. وحين تسلم رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي السلطة قبل أسبوع إذا أخذنا بعين الإعتبار إكتمال كابينته قال تسلمت موازنة خاوية. هنا أبصم بالعشرة إن ماقاله الكاظمي صحيح لأننا جميعا شهود على الهبوط السريع لأسعار النفط والإرتفاع السريع لجائحة كورونا في ظل عدم وجود بدائل للنفط ولا صناديق سيادية نلجأ اليها أيام الحاجة. على هذه الرنة حيث الطحين ليس ناعما دائما ننام ونصحو على "الهباطة". ترتفع أسعار النفط تبقى الرواتب مثلما هي لكنها تسلم نهاية الشهر بدون تأخير بينما تزداد الإمتيازات المالية من (كذا وكذا وكذا وكيت). تهبط أسعار النفط تذهب الحكومة والبرلمان ومجلس الأمن ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسة بيل غيتس الخيرية ومرصد حقوق الإنسان في سوريا ومقره لندن وجمعية الرفق بأبي الحصين الى الإصلاحات التي عنوانها العريض والنحيف , الطويل والقصير هي خفض الإمتيازات ورواتب الدرجات العليا فقط والتحرش هذه المرة برواتب المتقاعدين برغم التراجع السريع. لماذا نحن هكذا دائما؟ الجواب أسهل بكثير من جواب أبي الحصين لأننا بلا زراعة ولا صناعة ولا سياحة ولا إستثمار ولا صخام ولالطام.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha