عبدالزهرة محمددالهنداوي||
قرأت قبل أيام، مقالا، للسيد وزير الموارد المائية، المهندس مهدي رشيد الحمداني، تحدث فيه عن التجاوزات التي تتعرض لها الثروة المائية في العراق، وعلاقة ذلك بهيبة الدولة، وقد توعد الوزير في مقاله ذاك، المتجاوزين باجراءات رادعة، من شأنها حماية مصادر هذه الثروة، وإعادة هيبة الدولة، وهو امر مهم وعظيم، ان تم الشروع به فعلا، ولكنه في المقابل سوف لن يكون سهلا، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار، ان
التجاوزات على الممتلكات العامة، ليست وليدة اليوم، إنما بدأت بالظهور إلى العلن، ومن دون ادنى مواربة، بعد عام ٢٠٠٣، حتى انها أصبحت ثقافة اجتماعية، بل اكثر من ذلك، يعدها البعض، شطارة!، وهي ناتجة بالدرجة الأساس، عن ضعف القوانين وغياب عوامل الردع، لإيقافها ، ولذلك فهي لم تقتصر على الموارد المائية، وان كانت هنا شديدة الوضوح ، انما هناك تجاوزات لاتقل خطورة، على الكهرباء، ومثل ذلك على الاراضي، لاسيما تلك المملوكة للدولة، وقد نشأ عن تلك التجاوزات، الكثير من الاثار السلبية في المشهد العراقي، فمنذ سنوات والمواطن يواجه ازمة في تجهيز الكهرباء، على الرغم من ان الكميات المنتجة (١٩-٢٠ الف ميگا واط)، ليست قليلة بالمقارنة مع بلدان أخرى، فهذه الكمية من الانتاج، ربما تغطي نسبة كبيرة من حاجة الاستهلاك، لو لم تكن عرضة لتلك التجاوزات، المتمثلة بـ(التچطيل) من خلف المقاييس، وكذلك بانتشار العشوائيات( ٤ آلاف عشوائية، يقطنها اكثر من ٣ ملايين إنسان)، التي تمثل هي الأخرى تجاوزا صارخا، وان كانت مبررة بوجود أزمة سكن حادة تعاني منها البلاد منذ عقود وهذه الأزمة آخذة بالتفاقم في ظل عدم وجود حلول ناجعة وفي مقدمتها، الاستثمارات في هذا القطاع.
وقطعا ان ثمة الكثير من التجاوزات في قطاعات ومفاصل أخرى، شديدة الأهمية، وتمثل مواردا اقتصادية فاعلة ودافعة للاقتصاد.
وبالعودة إلى الموارد المائية، التي تشكل مصدرا اساسيا من مصادر ديمومة الحياة، فاعتقد ان كميات المياه الداخلة الى العراق عبر عمودي دجلة والفرات (٥٠-٦٠ مليار متر مكعب)، فضلا عن المياه الجوفية المبثوثة بين ثنايا تربة العراق، تكفي لسد حاجة البلد، سواء لتلبية متطلبات الاستهلاك البشري، او متطلبات الزراعة، وغيرذلك..
ولهذا أقول، اننا فعلا بحاجة إلى صولات وجولات حقيقية ، لانهاء حالات التجاوز على موارد الثروة، بجميع مفاصلها، وفي ذلك نحقق أمرين لايقل احدهما أهمية عن الاخر، وهما : اعادة هيبة الدولة، وضمان حقوق الناس جميعا في تلك الثروات، التي هي ملك عام للجميع، وفقا للدستور ونواميس المنطق السليم..