سامي التميمي||
كان درسا ً مجبرين عليه في مدارسنا وأنتهاءاً بالجامعات هو ( الوطنية ) .
لايلقي تلك المحاضرة إلا ( بعثي ) ومن له ولاء كبير للبعث . لأن أغلب البعثيين هم منتمين بالأجبار وليس برغبته وذلك بسبب الطرد والمحاربة في الدراسة والوظيفة . وهذا معروف للعراقيين ممن عاشوا فترة طويلة في العراق حتى سقوط الطاغية وزمرته عام 2003 .
وكان حصرا ً هذا الدرس يجب الحضور به وعدم الغياب إلا بعذر شرعي . ومنهج وكتب ذلك الدرس حصراً بكتب البعث وكأن الوطنية لايفقهها غير البعثيون .
كان كلنا يعلم والشعب يعلم وأن كانوا بعضهم غير متعلم بسبب الظروف المعيشية والظلم والأضطهاد والسجون والتهميش والفصل السياسي . بأن الوطنية هي ليست دروس وأنما أفعال وتصرفات وحقوق وواجبات وأنتماء حقيقي .
في الوقت الذي كانوا يعلمونا الوطنية . كان الوطن بنهب ويسرق ويقتل ويصادر وينهش من كل جانب .
كانوا الكرد مشردون عوائل وأطفال رضع شيوخ ونساء فوق جبال وعرة وغابات تملأها الأدغال والأشواك العقارب والأفاعي والذئاب . في ظروف سيئة بين زخات الأمطار وثلوج وبرد الشتاء القارس . كان من يتمتع بقوة وبصحة جيدة يصمد . والأطفال الرضع وكبار السن يموتون في تلك الجبال وكان في كل ضنهم بأن القدر أنجاهم من قصف الصواريخ والمدفعية والهاونات والأسر . وفي الجنوب كانوا مصيبتهم لاتقل عن الأكراد شيئا فهم محاربون بسبب أنتمائهم للوطن والدين والمذهب . الكثير منهم أنساق غصباً للحروب العبثية ومن رفض الألتحاق مات رمياً بالرصاص وأخذت ثمنها من عائلته . ومن كان صوته عالياً رافضا . كان السجن والتنكيل والتعذيب مصيره في سجون لاترى الشمس والحياة .
وأهل الأنبار وتكريت والموصل وديالى . أيضا كانوا عرضة بين الحين والأخر لهجمات شرسة همجية بحجة خيانة أحد أولادهم للولاء للبعث وأوامر السلطة . وحتى وصل الأمر للعشيرة والعائلة نفسها بالتصفية ولسجون .
وبعد 2003 أنتهى درس الوطنية وجاءت أحزاب . عنوانينها براقة وأيضا فيها كلمات الوطنية و تداعب وتناغم كل أطياف الشعب العراقي من شماله وحتى جنوبه بعربه وكرده وسنته وشيعته وكل الأديان والطوائف والأتجاهات والميول . وتغير عنوانينها وأثوابها وقياداتها وأشكالها بأستمرار لتوهم الناس بأنهم داعمين للحرية والديمقراطية والدين والعروبة والقومية والوطنية .
ولكن للأسف كلها أكاذيب ومماطلات وضحك وأستهتار وفساد وسرقات وأنتهاك وتشويه لمعنى الوطنية .
كيف لنا أن ننهي هذا الدرس والمسرحية الكاذبة . وننهل من حب الوطن وصدقه وخيراته وتاريخه وكرمه وشهامته .
الوطنية ياسادة درس كبير تعلمناه وحفظناه فقط من أبائنا وأمهاتنا .