المقالات

من يحسم الصراع في العراق ؟!  


ابراهيم العبادي ||

 

بين استقالة الحكومة السابقة ومجيء الحكومة الحالية ، اجتاز العراق أزمة حكم خطيرة وانتعشت آمال محدودة في ان تقوم الحكومة الجديدة بتسيير شؤون البلاد بعقلانية واقتدار يسمحان بتجاوز المنعطف الخطير وصولا الى اجراء الانتخابات المبكرة  .

المتفائلون كان يدفعون باتجاه حسم قانون الانتخابات وترسيمه بأتجاه يخدم الاحزاب الصغيرة والمرشحين في الدوائر المتعددة، بما يؤدي الى اعطاء الناخب فسحة كبيرة لاختيار ممثلين جدد في البرلمان ، وتجديد الوجوه قد يساعد في زحزحة تدريجية للوجوه التي مثلت القوى المتقاسمة للسلطة في العراق ،كان  اللجوء الى الانتخابات المبكرة خيارا عقلانيا حتمته ازمة اشتعال الاحتجاجات والعنف الذي رافقها ،ومثل هذا الخيار  مخرجا معقولا لادارة الازمة ومتنفسا يساعد على تبلر رؤية قد تعالج المأزق الذي تعاني منه البلاد ،بمرور الوقت فترت الحماسة للانتخابات واعاقت الخلافات الفنية واللوجستية خروج قانون الانتخابات الجديد الى حيز التنفيذ ،وطغت الحسابات بين القوى المتصارعة على السلطة بشأن فوائد ومكاسب القانون الجديد من عدمه ،ومالت اكثر الترجيحات  الى ان اعتماد الدوائر المتعددة سيخدم قوى سياسية تعرف كيف تنظم جمهورها وتدفعه للمشاركة في التصويت لصالحها ،فيما ستجد قوى اخرى نفسها خارج مضمار المنافسة لانها اخفقت في بناء قاعدة اجتماعية ثابتة وجمهور راسخ الرؤية والتأييد لها  . وفق هذة الاحتمالات سيتأرجح الموقف من اجراء الانتخابات بين ضعف امكانات الحكومة المالية والتقنية ،وبين مخاوف المترددين وتشاؤم الاخرين الذين يرون ان النظام البرلماني في العراق ليس الا (ديكورا سياسيا)فحسب ،فمايصنع المواقف والسياسات ليس الجالسون على مقاعد البرلمان انما هم بضعة زعامات شيعية وسنية وكردية تتفق في كل مرة على ترويكا الحكم ،وهولاء لايتجاوزون عشرة اشخاص لكل منهم مصالحه الحزبية  ومخاوفه وطموحاته ورؤاه   وخطوطه الحمر وعلاقاته الداخلية والخارجية التي تمثل محددات ايديولوجية وسياسية لسقف حراكه السياسي .

من راهن على الانتخابات المبكرة كان يتصور ان  مجيء ممثلين جدد للشعب خصوصا اذا كانوا مستقلين وذوي وعي وتجربة ورؤية سياسية قد يساعدون في اخراج البلاد من (الاحتكار السياسي) الذي تعاني منه ، بيد ان ذلك رهين المشاركة الواسعة والكثيفة  للناخبين ، ودقة اختيارهم للمرشحين ، على افتراض ترشح عدد كبير من الاشخاص مستوعبين لتجربة ال 17عاما  من عمر العملية السياسية التي انتجها دستور عام 2005، فالرهان اذن على ناخب واعي ومتحمس للتغيير ،ومرشحون على دراية كافية بمهمتهم الجديدة ،وتجربة عميقة لاسباب الاخفاق والفشل ،وهي اسباب معروفة ومكشوفة ، وذلك كله مشروط بنزاهة الانتخابات ودقة عمليات التنفيذ ،ورقابة مشددة على السلوك الانتخابي، والادق من ذلك صرامة كبيرة ازاء الاحزاب والقوى المتنفذة التي تمتلك ادوات الترهيب النفسي والاعلامي والمادي ، والقادرة على التعبئة بافتعال أزمات وتخويف الناخب للتصويت لصالحها .

لكن السؤال الجوهري ،هل تستطيع (الديمقراطية) العراقية فعلا ان تجترح معجزة تغيير المسار السياسي وتنهي صراع الطوائف والاثنيات والقوميات والتوجهات الايديولوجية والتبعيات السياسية ؟ الجواب يتوقف على (ادراك) كل جماعة سياسية مصالحها  ومع من تكون اصطفافاتها ، فمشكلة العراق تظل في غياب الرؤية العميقة لأزمة الدولة والدراية الصحيحة بسيكولوجية  السكان والمزاج العراقي ،والحضور الكثيف للذاكرة السياسية والتاريخية والقابلية الخطيرة للاستتباع والاستلحاق تحت يافطة المشاريع الايديولوجية الكبرى  ،خسر العراق مائة عام من التنمية الشاملة بسبب تقلبات النظام السياسي ورعونة الساسة وهو اليوم ينتظر أرادة شعبية وسياسية ، استخلصت الدروس التاريخية والسياسية لتستشرف المستقبل بغير حمولات الماضي البعيد  والقريب والحاضر الكئيب ، ارادة تنهي الصراعات الداخلية على السلطة بتأسيس منظومة الحكم بغير ماتأسست عليه حتى الان .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك