المقالات

حادثة الغدير تحديد لمسار الأمة  


عبد الكاظم حسن الجابري||

 

تشكل حادثة الغدير خلاصة الرسالة الاسلامية العظيمة, وهي إعلان الامتداد الطبيعي لقيادة الأمة بعد النبي الخاتم محمد صلى الله عليه واله, وهي حالة من بعث الاطمئنان في نفوس المسلمين لمرحلة ما بعد النبي الكريم صلى الله عليه واله.

جاءت الشرائع السماوية لنقل الناس من بحور الآثام والفتن والضياع الى شواطئ النظام والصلاح والبناء, فكل الشرائع جاءت بهدف بناء الانسان, وجاءت الرسالة الاسلامية لتكون خلاصة الشرائع السماوية السابقة وخاتمة لها, ومن خلالها –الشريعة الاسلامية- بَيَّنَ رب العزة الغاية من خلق الانسان بقوله "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" فهذه الشرطية الغائية من خلق الانسان من أجل العبادة هي النقطة الاهم لبنائه, فالفرد العابد سيكون مثالا في التسامح واللين والرفق وحاملا لكل الكمالات والفضائل الأخلاقية.

من البديهي -وبما أن الرسالة الاسلامية هي الخاتمة- ان تستمر الرسالة من خلال قيادة مركزية, عالمة بشرع الله, وعادلة في سلوكها, وبما ان الله سبحانه تعالى هو العالم بالنفوس, فهو خالقهم ويعلم مؤهلات الافراد, وبما ان النبي المصطفى صلى الله عليه واله لن يخلد بشخصه –كما هي سنة الحياة- لذا صدر التوجيه الالهي بإعلان الوصي خلفا بعد المصطفى صلى الله عليه واله.

اجتمع النبي صلى الله عليه واله بالمسلمين بعد عودة المسير من الحج في غدير خم, وهو مفترق طرق الحجاج, وخطب فيهم معلنا تنصيب امير المؤمنين علي عليه السلام خليفة من بعده, واميرا للمؤمنين ووصيا للنبي الامين.

لم يكن اختيار مولانا علي عليه السلام امرا شخصيا, او لأنه صهر النبي او لأنه ابن عمه, بل كانت كل المؤهلات والمزايا مجتمعة فيه, فكانت كينونته عبار عن دين متكامل, فهو المؤمن الصادق, والعابد الزاهد, والعالم العامل, وهو اعرف المسلمين بشؤون الاسلام, كما ان التوجيه كان الهيا صادر من الباري عز وجل, وبهذا صرح القران "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" حيث اكد القران الكرام على حقيقة مهمة, وهي ان جهود الرسالة وما فعله النبي صلى الله عليه واله خلاصتها تكمن في تنصيب عليا وليا للمؤمنين, وان عدم التبليغ بذلك واقراره يعني كأن الرسالة ما كنت.

كما اكد القران الكريم على ان ما حصل من تنصيب وبيعة لعلي عليه السلام هو كمال للدين واتمام للنعمة التي مَنَّ بها علينا الباري عز وجل من ارسال لرسوله الكريم وتعليمنا الشريعة الحقة, حيث صرح القران بذلك "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً".

ان نعمة اكمال تنصيب امير المؤمنين علي عليه السلام هي نعمة عظمى تحتاج منا الشكر. فمهما قلنا او فعلنا فلن نوفي معشار شكرها.

ما حدث بعد بيعة الغدير و بعد قبض الرسول صلى الله عليه واله من انقلاب ونكوص من الامة الاسلامية ونكرانها للبيعة في غدير خم, ما هو الا حسدٌ لما ناله مولانا علي عليه السلام, وطمعٌ بزخارف الدنيا, وهروبٌ الى الامام من عدالة علي عليه السلام الذي لا يؤثر قريبا على بعيد, ولا شريفا على دنيء, ولا سيدا على عبد, وما حال التقهقر والتردي والانتكاس الذي تعيشه الامة الاسلامية الا نتاج عدم التمسك بوصية النبي صلى الله عليه واله ونكرانها والعمل بغيرها وترك علي وال علي عليهم السلام وسلبهم حقهم الشرعي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك