سفير سابق / ر. المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل ٢٠٢٠/٨/٨ . متعددة و مختلفة هي التحليلات و التوقعات في تفسير كارثة او فاجعة او جريمة تفجير المرفأ ، و يستحق بعضها ، و المتحرر من نزعة الجاهلية ( بالتشفي بدم الضحايا) ، من ان يكون محلاً للاعتقاد و التصديق . الأحداث و الوقائع ذات الطابع السياسي و الأمني ، في منطقتنا ليست رهينة الصدفة ، ونحن نعيش الآن زمن تكرار التفجيرات السيبرانية ، تارة في ايران وتارة اخرى في امريكا او في اسرائيل او في غيرهما ، وجميعها بقيّت مجهولة الفاعل او بين الشك واليقين او بين الاتهام و الإدانة ،شأنها شأن اغتيالات العراق و غيرها . الحدث بحجمهِ و تنفيذه و أثاره مُقارب لحدث اغتيال الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، و سيبقى تفجير مرفأ بيروت ، للبعض ، لُغزاً و موضوع جدل ، و للبعض الآخر ، يقيناً و شاهداً على جريمة كبرى و آخرى يقترفها الصهاينة بمختلف ألوانهم وتصنيفاتهم (امريكي واسرائيلي و عملاء و رجعية ) . هدف الصهاينة تدمير المنطقة و تأمين هيمنة اسرائيل ، ومنذ فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير و فشل أهداف احتلال العراق ، تبنى المحور الصهيوني مشروع تدمير المنطقة ( بدولها و بأقتصادها و بأنسانها و بقيمها ) ، و من خلال الوسائل التالية : الآرهاب ،الحروب ، اثارة الفتن الطائفية ،الحصار النقدي و الاقتصادي ، نشر و دعم الفساد و الابتزاز و سرقة الثروات . تفجير مرفأ بيروت هو ثاني عمل إجرامي كبير تشهده المنطقة ،بعد جريمة اغتيال الشهيد سليماني و الشهيد ابو مهدي المهندس . و كأنَّ اقدام امريكا وبالتعاون مع اسرائيل و العملاء على اقتراف جريمة الاغتيال مهّدَ لاسرائيل الطريق بأرتكاب جريمة مماثلة في أثارها الأمنية و السياسية و الاستراتيجية :الفرق بينهما هو أنَّ الأولى بقيادة امريكية و علنيّة و الثانية بقيادة اسرائيلية و دون تصريح بتبنيها . و لو كان لاسرائيل قدرة و معرفة لتمادت و امتدت يدها الى ابعد من ذلك . اغتيال الشهيد سليماني سمحَ لا سرائيل بارتكاب ما يماثلها من جريمة . لا أحد يستفيد من هذه الجريمة غير الصهاينة و المتصهينين و العملاء ، والهدف تركيع لبنان الدولة ، لبنان المقاومة ،لبنان المواطنة ، واستغلال الحدث و تبعاته لاستمرار الفتنة والحيلولة دون الإصلاحات واستهداف المقاومة . وقعَ الانفجار بمدة سبعة أيام قبيل التاريخ المحدد لقرار المحكمة الدولية المختصة في حادث اغتيال الشهيد رفيق الحريري ، و اغلب الظّنْ ان يكون في قرار المحكمة الدولية أدانة لاحد عناصر حزب الله . التوافق الزمني بين القرار المتوقع وجريمة التفجير لم يكْ دون دراسة و عناية ، والغاية هو ان يكون حزب الله في ادانة في الاغتيال، واتهام بالتفجير . التوظيف الإعلامي و الغوغائي لقرار المحكمة القادم ، في غضون أيام ، سيتناول وسيشمل جريمة مرفأ بيروت ، وسيكون للعملاء و للجوكرية و للذباب الإلكتروني في تنظيم مظاهرات و هتافات ، وفي ضوء قرار المحكمة ، ضّد حزب الله و المقاومة لتمويه الرأي العام بانَّ الحزب ، وليس اسرائيل و امريكا والعملاء ، هو المسؤول عن كارثة المرفأ. من السذاجة الاعتقاد بعرضيّة ما حدثَ في مرفأ بيروت ، هي جريمة شاركَ فيها عملاء و اجهزة استخبارات اسرائيلية و امريكية ، والجميع كان يتوقّع قيام المحور الصهيوني بعمل ما في المنطقة و ضّد محور المقاومة ، و تتجه سياسة المحور الصهيوني الى تكرار أسلوب هجوم صادم و مفصلي ( اغتيال الشهيد سليماني ، كارثة مرفأ بيروت ). يراهن المحور الصهيوني في التمادي في جرائمه و امتهان كرامة وسيادة الدول العربية على حقائق و وقائع : منها ، ان العالم الآن يعيش في زمن الكوارث والموت ، ويهون على العرب امر قتلهم او قتل بعضهم بعضًا ، و أنَّ حركة و مساعي التطبيع مع الكيان الصهيوني تشجّعه على الإقدام في ارتكاب الجرائم ، و انَّ الفوضى السياسية التي تسود لبنان و العراق ،وبأسم الديمقراطية ، تسمح للعملاء و المأجورين و الفاسدين بأنْ يكون فاعلين و علنًا ، وبحجة حرية الرأي و التعبير وحقوق الانسان ،ضّدَ مصالح الدولة والمجتمع و لصالح العدو الصهيوني و الارهابيين و الاحتلال .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha