المقالات

ألواح طينية ـ علواه على صدام؟!  

2200 2020-08-09

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com||

 

ثمة نقاط سبقتنا أليها شعوب كثيرة،هذه النقاط من الأهمية لأن لها جدواها في صناعة مستقبلنا.. أول هذه النقاط، أن الدولة الحديثة يحكمها الــنـظــام ولـيس الأفراد.

والثانية أن قيادة الدولة تحتاج الى أدوات كثيرة، من بينها المسؤولية القوية!...لكنها يجب أن تكون مسؤولية منضبطة، بحيث لا يخشى من أن تتحول الى قاعدة للإستبداد، بل هي مسؤولية أخلاقية قوية، قادرة على صيانة الحريات وحمايتها من تغول رجال الدولة ذاتها!.

وثالثها أننا إذا كنا مجتمعا متحضرا، فإن المجتمع المتحضر لا يحتاج الى أن ينظمه أحد بالعِــصيّ، ومعنى هذا أننا نريد عصا تصون الحرية، ونريدها عصا ناعمة، وأن "تعمل" الى حد لا تتحول فيه الى عصا  مستبد..فعصى المسؤولية ـ كما يتخيلها الكثيرين ـ  يجب أن تكون غليظة!. وهو تخيل يتضمن كثيراً من الإهانة للمواطن، وهنا مكمن الخطأ.!

إن الديمقراطية لا يمكن أن تبنى بدون أن تحمى، فلسنا في المدينة الفاضلة، حيث يعرف كل مواطن ما له وما عليه، وحيث تترك فيه البيوت مفتوحة ليل نهار، ناهيك عن أن الديمقراطية لها أعداء هم أولئك الذين لم يعتادوا أن يشاركهم أحد في ماعونهم..!

لقد وجدنا أنفسنا في وضع سياسي معقد، وأسدلت فيه ستائرا سميكة على أفعال الساسة، فغابت الشفافية بشكل يكاد يكون مطلق، وضع يفتقر فيه الساسة قبل غيرهم، إلى وعي المواطنة والشعور السليم بالمسؤولية،  وحتى ما هو معلن من قبيح أفعالهم لا يخجلون منه، بل يسوغونه لأنفسهم وكأنه حسن..والسبب غياب العصا الغليظة، إنها العصا الغليظة التي يحتاج إليها كبار المسؤولين فضلا عن صـغـارهم. لا ليستعملوها بل لتستعمل معهم..!

ولذا تسمع من هذا المواطن أو ذاك، أن الأمن كان أكثر إستقرارا قبل 2003 عنه الآن بكثير، وتسمعها أيضا من مثقفين، بل أن كتابا وصحفيين يتداولونها في كتاباتهم، والحق أن الإرث الثقيل الذي نحمله، هو أن الحرية التي تنبثق عنها المسؤولية، لم تكـن يومـاً عــنصراً حاضراً في ثقافتنا،  بل كأن ما يحضر هو العصا الـغـلـيظة بكل أشكالها، وفي الذاكرة "دونكي" الشرطي "ابو الواشر" في عهد نوري السعيد، والمسدس طارق بغلافه الجلدي الأحمر" ابو الشراشيب: الذي يتدلى على ساق الرفيق ابو عروبة، ببدلته الزيتونية رمز القوة الإستبداد الصدامي !

لو كانت الحرية منذ البداية تشكل العنصر المركزي في تربيتنا، ما بكى بعضنا على الإســتـبـداد الصدامي، بكل قيحه وأثامه! حيث لا يرون في غيره الأمـن والأمـان. إذ تم ربط الأمـن بالإستبداد، بحيث لا يمكن فصل الواحد عن الآخــر.

هؤلاء تدبغت جلودهم على الأستبداد، الى حد لا يتصورون معنى للحياة بدونه، تماما مثلما لا يرى جوكري تافه معنى للحياة بدون إحتلال أمريكي مباشر هنا في العراق، وإحتلال فرنسي مباشر كما في بيروت، والنتيجة أن كلا الصنفين، يقفان في صف واحد ضد القوى الديمقراطية، التي تؤمن بتداول سلمي للسلطة،ـ عبر صناديق الإقتراع، وليس من خلال التزوير، وحرق مخازن صناديق الإقتراع، كما جرى في المرة السابقة!

إلى أي مدى يُـعـد هذا التصور صحــيّـاً ومعقـــولاً؟ ذا هو السؤال الذي لا يستطيع أحد الإجابة عليه، ما لم نربي مجتمعنا على العيش بلا عصا، وتلك هي المعضلة...!

كلام قبل السلام: إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا!!

سلام...

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك