حافظ آل بشارة||
ازدادت مساحة التظاهرات ، واشتدت المطالبات والمرابطون في الشارع الآن هم ليسوا من اصحاب البسطيات او عمال البناء او سواق الستوتات ، بل هم طليعة الجيل الشاب في البلد انهم خريجو الكليات وحملة الشهادات العليا ، عندما تتفشى البطالة في الشريحة الجامعية فهذا يعني ان البلد منحدر الى قعر خطير فالجامعات تعد المتخصصين وترميهم في الشارع ! الدولة تنفق ، والأسرة تنفق لأجل اتمام التعليم الجامعي والدراسات العليا ، لكن المتخرجين بلا وظائف ولا حقوق ، انهم غاضبون ومتألمون ولا يجدون من يتعاطف معهم ، الدولة تواجه احتجاجات الخريجين بصمت.
الدولة لم تشعر بحجم المشكلة عندما ترى أكثر من جيل من الخريجين وحملة الشهادات العليا بلا وظائف ولا مستقبل ، ليس هناك رؤية حكومية لحل المشكلة ، وقد تكاثرت المطالب الساخنة على طاولتها وكلها مطالب مالية في زمن الافلاس والوباء والأزمة السياسية ، يقال ان هناك ٨ ملايين نسمة يتسلمون رواتب من الحكومة ، ولم تعد عوائد النفط كافية لدفع الرواتب ، الحكومة تصرفت طيلة سنوات بلا هيكلية اقتصادية فهي ببساطة تبيع النفط لتوزع عوائده كرواتب للناس وموازنات للوزارات والمحافظات تختفي ولم ينتج عنها لا اعمار ولا خدمات.
الآن بدأت آثار هذه السياسة الساذجة تظهر ، لم ينفذوا تنمية شاملة ولم يصنعوا قطاعا خاصا ولم يدعموا القطاعات الاقتصادية الخدمية والانتاجية التي تمتص البطالة وتحيي الاقتصاد ، حاليا الحكومة مطالبة باضافة ملايين اخرى الى قائمة الملايين الذين يعيشون على الرواتب ، وهذا ليس حلا لانها عاجزة عن الدفع ، ولم يعد الوقت مناسبا لتنفيذ حلول جذرية لأن اي حل يتطلب تمويلا هائلا قبل ان يعطي نتيجة ، ذهبت فرص الحل مع الموازنات الانفجارية التي تدفقت قبل سنة ٢٠١٤ والتي تقاسمتها اطراف المحاصصة ، حكومة مصطفى الكاظمي ليست مسؤولة عن هذه الأزمة بل هو وارث لها من اسلافه ، وليس في جدول اعمالها سوى اجراء الانتخابات المبكرة وتوفير الظروف الأمنية والسياسية والادارية لاجراءها ، المتظاهرون يعرفون هذه الحقيقة ولكن ليس لديهم بديل عن الاحتجاج.
اقل ما يمكن ان تفعله الحكومة الآن ان تضع خطة للتنمية الشاملة تعتمد احياء القطاعات الاقتصادية المدرة للدخل التي تحرر العراق من الاقتصاد النفطي الاحادي ، فهناك الزراعة والصناعة والتجارة والاعمار والسياحة على ان تتولى الوزارات المختصة تنفيذ هذه الرؤية باشراف صارم من مجلس النواب ، واعتماد شركات اجنبية لتنفيذ البنى التحتية وتشغيل العراقيين فقط في مشاريعها ، وتكون الحكومة المقبلة التي تأتي بعد الانتخابات ملزمة بتنفيذها.
https://telegram.me/buratha