المقالات

إنها عاشوراء وكفى


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

            عادت عاشوراء بكل ما تحملها من الألم والحزن, وتزيَّن الكون بالسواد تعظيماً وعزاءً لسيد الخلق صلى الله عليه وآله, كيف لا وقد تركت عاشوراء جرحاً لا يندمل أبداً؛ بل يتجدد وكأن دماء الحسين لا يزال يقطر, وقد أصبح قلوب المؤمنين سواقي ينهل منها كل بحسبه, وبقدرته على التعامل الموضوعي مع هذه القضية التي أصبحت قضية الله تعالى باعتبار أن الحسين قد أصبح ثأر الله تعالى حيث يخاطبه الامام المعصوم عليه السلام في زيارة عاشوراء الخالدة بقوله: (السلام عليك يا ثأر الله وابن ثأره والوتر الموتور), نعم فالحسين عظيم وهو ثأر الله تعالى الذي سُفك في ظهيرة عاشوراء.

            ولا يختلف المؤمنون على مدار السنين بمواقفهم التاريخية تجاه عاشوراء, فيستعدون لها قبل حلولها ويعتقدون أنَّهم بذلك يواسون رسول الله تعالى باعتباره  صاحب المصيبة كما في حديث أم سلمة رضوان الله تعالى عليه , إذ ذكرت أن النبي صلى الله عليه وآله كان جالساً وفي حجره الحسين عليه السلام وكان صغيراً, فنزل جبرئيل عليه السلام لخبره بقتل ولده ويعطيه قليلاً من التربة التي يستشهد عليها الحسين عليه السلام, ثم بيَّنت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله أغتم كثيراً وبكى الحسين عليه السلام في حينها وهو ينظر إلى الحسين عليه السلام, فالمُعزَّى رسول الله والثأر لله تعالى, فأي عظمة أكبر من ذلك, وأي مصيبة كمصيبته عليه السلام.

            ومع كل ما في عاشوراء من الأسى والفقد الكبير, إلا أن هناك من يحاول أن يعطي لعاشوراء بعداً آخر؛ بل يحاول بعض المهرجين الضحك على السفهاء من المسلمين بتحويل عاشوراء من يوم حزنٍ ومصيبة إلى يوم للتبرك والفرح والسعادة, وذلك من خلال تزييف الحقائق وتنسيب بعض المناسبات أو الاعمال إلى يوم عاشوراء ومنها على سبيل المثال يقولون أن عاشوراء يوم خلاص يوسف من السجن أو أن فيها استجابة دعاء زكريا عليه السلام أو قالوا أن يوم عاشوراء هو يوم خلاص  ونجاة موسى عليه السلام وقومه, والحقيقة أن هذا تزيف للحقيقة وابعاد لعاشوراء عن قضيتها الاساسية, فخلاص يوسف متفق عليه أنه كان في الثالث من محرم الحرام, واستجابة دعاء زكريا كان في اليوم الثاني من محرم الحرام أيضاً, وأما اليوم الذي انتصر فيه موسى على السحرة وفرعون فقد كان في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة المباركة, فلذلك ينبغي على المسلمين أن يدركوا أن هناك من يحاول عبثاً أن يغيِّر حقيقة يوم عاشوراء ويوهم الناس بذلك.

            أن على الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية ويجعلوا يوم عاشوراء يوم مصيبتهم وحزنهم كما كان يصنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وكذلك الأئمة المعصومون من بعده, حيث كانوا يخصصون يوم عاشوراء بالمراثي والبكاء وذكر الحسين عليه السلام وذكر أهل بيته وأصحابه, ولطالما جلس الامام المعصوم وأجلس في مجلسه الشعراء واستمع إلى قصائدهم في رثاء الحسين عليه السلام.

            والمهم في الامر أيضاً هو معرفة أثر الاهتمام بيوم عاشوراء, فهي يوم تتجد فيها طاقات المؤمنين الذين وجدوا في مصيبة الحسين عليه السلام دافعاً حقيقياً لنصرة الانسان بقيمه والاسلام بمفاهيمه ومبادئه؛ وعلى هذا فإن من ينصر الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء فهو كالذي كان في معسكره وتحت لواءه والذي ينكر عاشوراء أو يجعل منها يوم فرحه وسروره فهو كالذي كان في معسكر يزيد يتباهى بقتله الحسين عليه السلام, وهذه الخلاصة توحي بأن المسيرة مستمرة ففي كل عصر هناك ثائرٌ باسم الحسين وظالم باسم يزيد, فينبغي ملازمة شعار لبيك يا حسين وهيهات منا الذلة.        

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك