🖋 قاسم سلمان العبودي ||
تندرج زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لبغداد في أطار تدعيم الدور الأمريكي في العراقي ببقاء قواته حتى تحقيق آخر هدف من أهداف تواجده في العراق ، و الذي تطالب القوى السياسية الشيعية بالخروج من العراق بحسب القرار البرلماني القاضي بسحب واشنطن لقواتها .
وقد لمح ماكرون في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس العراقي برهم صالح ، الى ذلك من خلال تصريحه ، ان المعركة على الأرهاب ( داعش ) لازالت مستمرة ، وأن فرنسا تريد مساعدة بغداد وتسليح جيشها لمواجهة التحديات الأرهابية بحسب قوله .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هناك شد وجذب بين الحكومتين الفرنسية والتركية بسبب تدخل الأخيرة في ليبيا ، التي تعتبرها فرنسا خزان النفط الذي يغذي باريس وضبط الهجرة الغير شرعية الى أوربا والتي تنطلق من الشواطيء الليبية .
فضلاً عن ذلك قيام تركيا بالتنقيب في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل اليونانية والقبرصية التي ترتبط باريس بهذه الدولتين بأواصر علاقة جيدة .
يبدو دخول تركيا لشمال العراق ، أصبح الشماعة التي تعول عليها باريس للحد من النفوذ التركي في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، بأرسال رسالة مشفرة من بغداد الى أنقرة .
مقارنة ً بين زيارة بيروت وبغداد ، من الممكن أن نلمس الآتي :
فقد غمز ماكرون حزب الله اللبناني في زيارته الأخيرة الى بيروت بأعتبار الحزب مشارك في حكومة منتخبة ، ويجب التعامل معه كواقع حال ولم يتطرق لسلاحه .
يعتقد ماكرون ، أنه ربما تكون هناك مغامرة تركية قد تطال شمال لبنان بدخول الجيش التركي للساحة اللبنانية على غرار دخوله الى الأراضي السورية في وقت سابق . وحال حصول ما يتوقعه فأنه حزب الله الذي بنى نفسه عقائدياً ، قطعاً لن يسمح بذلك أطلاقاً ، وستكون هناك حرباً بين الجيش التركي وحزب الله .
طبعاً الموضوع مختلف تماماً على ( الجبهة ) العراقية المزارة من قبل ماكرون . أنه يتعمد غمز الحكومة العراقية بموضوع هيبة الدولة ودعمه للسيادة في محاوله منه لأبداء التأييد والتعضيد في محاولة الكاظمي لنزع سلاح فصائل المقاومة العراقية ، وما نغمة التحشيد الدولي الداعم لرئيس الوزراء العراقي ، والذي أطلقها ماكرون ألا دفع بهذا الأتجاه .
وهناك سبب آخر ربما يكون مستتر وغير واضح الملامح ، وهو فصم العلاقة العراقية الأيرانية ، والذهاب بالعراق بأتجاه الحضن الخليجي ، الذي يهرول قادته هذه الأيام بالتطبيع الكامل مع الصهاينة ، ليصبح بعد فترة ضمن الفلك الخليجي ، لتمرير صفقة القرن سيئة الصيت ، والتي تحاول واشنطن تمريرها قبيل الأنتخابات الأمريكية القادمة .
أعتقد أن الأنكفاء الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ، فضلاً عن الهزائم في الداخل الأمريكي ، أعطت لماكرون الضوء الأخضر بالتحرك في منطقة الشرق الأوسط ، وتحديداً العراق ولبنان لتشابه التجربة بين البلدين الذين يعانيان من الأنقسامات السياسية الداخلية والمحاصصاتية الشيء الكثير ، بأكمال ما بدأته واشنطن في مشروعها الكبير في منطقة الشرق الأوسط .
كثير من الخفايا ربما ستظهر في الأيام القادمة لزيارة الرئيس الفرنسي والتي لازلت داخل الأروقة المغلقة .
https://telegram.me/buratha