المقالات

مالم يُعلن عنه في زيارة ماكرون إلى بغداد

1449 2020-09-05

 

واثق الجابري||

 

ما تزال مقولة الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران في تسعينات القرن الماضي؛ عندما رفض دعوة الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في حرب الخليج ،حين قال: "نحن لسنا مهادنين ايضاَ ولكن لنا مصالح في أفريقيا"، وكأنها تمثل مرتكز السياسة الفرنسية والإنطلاق من تلك المقولة للتفاعل مع المتغيرات الدولية.

يبدو أن الرئيس الفرنسي آنذاك إنطلق من تقسيمات الشرق الأوسط وأفريقيا ضمن سياسة المحاور،  وكل يتحرك ضمن أرض نفوذه.

حاولت الولايات المتحدة الأمريكية كسر تلك السياسة في حرب الخليج، وأسمته (النظام العالمي الجديد)، وكأنها تغادر عالماً قديماً وتحمل راية الريادة في العالم الجديد، وتقوم بسياسات تحالفات دولية ،ولكنها في الواقع لم تبتعد عن أصل التقسيم السابق كما حدث في ليبيا، فلم تتدخل أمريكا بشكل مباشر، ولكن الأمر مختلف في سوريا والعراق واليمن ولبنان، والتواجد الأمريكي كان مباشراً أو غيره في دول لم تكن كمناطق نفوذ لها، ومعها دول أخذت على عاتقها دور النيابة، وكأن منها من شعر أن الخطر الأمريكي يداهمه، وأخرى ظنت أن تحالفه مع الولايات المتحدة يجعلها أقوى في ظل تنافس إقليمي.

إختلفت الدول المتحالفة في ملفات وإتفقت في أخرى، كتركيا وإيران والسعودية وقطر وأمريكا وفرنسا وبريطانيا، حتى دول صغيرة أرسلت مقاتلين ضمن التحالفات الدولية، كي تحصل على الأقل على نسبة من النفوذ والمشاريع، وأن لا تبقى في عزلة دولية.

ما يهمنا الآن تلك الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى لبنان والعراق، وما فيهما من تشابه البيئة والتقسيمات السياسية، واستُغِلَّت الأزمات في البلدين وعلى رأسها التفكك السياسي، وبعد حادثة بيروت دخلت فرنسا كلاعب أساس في الساحة اللبنانية، وبدور  أشبه بعودة روسيا إلى الساحة السورية، بعد قناعة من أن استمرار الصراعات فيها سيفقدها النفوذ هناك، ولكنها أصبحت ساحة  تتجاذبها صراعات دولية أهمها الأمريكي الإيراني، مع وجود حلفاء ومريدين لكل طرف من الأطراف السياسية والشعبية، وربما دخول الفرنسيين إلى العراق ولبنان، سيكون أقل مجابهة سياسية وشعبية في البلدين.

تأتي الزيارة  في ظل تصاعد وتيرة أحداث المنطقة، سيما بعد حادثة بيروت، وتريد فرنسا إستغلال الأزمة للدخول كمنافس دولي كبير، ولكن لايحمل صفة البديل عن أمريكا في العراق، رغم وجود علاقات سياسية عراقية ولبنانية مع فرنسا على حساب التقرب للجانب الأمريكي، وعقدت فرنسا اتفاقيات مع الحكومات العراقية السابقة.

جاءت الزيارة مع  حاجة العراق للتعاون الدولي  لأن يكون وسيطاً في حل مشكلات المنطقة، وربما يكون الجانب الفرنسي أكثر مقبولية من الجانب الأمريكي سياسياً وشعبياً، في حين أن الجانب الأمريكي، يعده بعض العراقيين جزءاً من المشكلة، أو يريد ضم العراق الى محوره المعادي لإيران، وظاهر السياسة العراقية هي الإبتعاد عن المحاور، في ظل أجواء سياسية داخلية منقسمة بين المحور الامريكي والايراني، ولهذا تسعى فرنسا أن تتخذ من جملة المواقف  محلاً لتواجدها السياسي والاقتصادي بقوة في المنطقة، وما يلفت النظر ،وأهم ما لم يعلن عنه في زيارة الرئيس الفرنسي، أنه حضر الى بغداد بوجود الوفد الكوردي، وأجتمع بالقوى السياسية كما فعلها في لبنان، فهل ستكون زيارة ماكرون ترتبط بخيوط الماكِرين الذين يرسمون للعراق سياسة ترضيهم وترضي حلفاءهم الخارجيين؟ وفرنسا ليست مهادنة كما تقول مرتكزات سياساتها، وربما عُرِضَت فكرة التقارب الفرنسي العراقي، تنفيذاً لما يطرحه ترامب بوجوب إقتراب العراق إلى أوربا، وأظن أنه لا يقصد روسيا، و في الوقت نفسه يبعده عن الصين، وبذلك لا يكون بعيداً عن أنظار الولايات المتحدة الأمريكية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك