منهل عبد الأمير المرشدي||
سأل الرجل أباه ما حال الدنيا قد تبدلت والأحوال قد تغيرت والوجوه قد تقلبت فالوزير لم يعد يملك شيئا من هيبة الوزير ولا لغة الوزير والرئيس لم يعد فيه شيئا يشبه الرئيس شكلا ومضمون فلا حضور ولا قوة ولا قرار فقال له نعم لأن السلطان هو إبن الطباخ . حيث يقال في قديم الزمان كان هنالك سلطانا قويا وحازما يحكم السلطنة سمع بأن هنالك رجل إفتتح محلا قريبا من قصره كتب عليه محل السياسي فبعث على صاحبه فجاؤا به اليه فسأله عن تجارته فقال الرجل أنا سياسي وخبير في التسييس .
ضحك السلطان وقال له يعني إنك تقصد سايس الخيل أجابه الرجل الخيل وغير الخيل فأنا أسوس كل شيء إنسان او حيوان .
قرر السلطان ان يعمل سايس لفرسه الأصيل ليرعاها وان يعطيه مكانا ينام فيه مع وجبة طعام (تمن ومرق ) صباحا واخرى مساءا كل يوم وقال له اي تقصير منك في عملك سيكون رأسك هو الثمن . استلم السايس عمله يداري ويخدم فرس السلطان الا انه هرب بعد عشرين يوما فذهبوا وبحثوا عنه وجائوا به فرموه في السجن وقطعوا عنه الطعام (تمن ومرق) .
ثم ارسل عليه السلطان وسأله لماذا هربت فقال السياس امنحني الأمان كي اتحدث لك فمنحه الأمان فقال إن فرسك هذه رغم انها فرس السلطان وجميلة وسريعة لكنها ليس اصيلة فأستغرب السلطان وارسل على مسؤول تربية الخيول وساله عن الفرس فقال له نعم عندما ولدت ماتت أمها واضطررنا لأرضاعها من البقرة , التفت الى السايس وسأله كيف عرفت ذلك أجابه لأن الفرس الأصيل تأكل والمعلف معلق في فمها وهي واقفة شامخة انما هذه تنزل رأسها الى الأرض تبحث عن طعامها كما الأبقار وبقية الحيوانت . أعجب السلطان بدراية السايس وفراسته وقال له انت تصلح ان تكون الراعي لبيتي وتلبية طلبات زوجتي وخدمتها وقررنا ان يكون طعامك ( دجاجة كاملة كل يوم ) .
ذهب الرجل الى بيت السلطان الا انه هرب بعد عشرة أيام فذهبوا خلفه وجائوا به ورموه بالسجن وقطعوا عنه الطعام (دجاجة) ثم سأله السلطان بعد ان اعطاه الأمان عن سبب هروبه فقال له إن زوجتك ليست بنت سلاطين فغضب السلطان وذهب الى ابو زوجته السلطان بسلطنة مجاورة وسأله عنها وطلب منه ان يقول الصدق فقال له نعم انها ليست ابنتي فنحن جئنا بها من مخيم الغجر الذي غزوناهم وكانت طفلة بعمر سنتين وربيناها مع ابنائنا وعندما جئتنا انت تخطبها زوجانك منها .
ارسل السلطان على السياسي وسأله كيف عرفت إن زوجتي ليست بنت سلاطين فقال له لإني رأيتها كلما تتحدث تغمز بعينيها دون إرادتها وهذه من عادات بنات الغجر وليس بنات السلاطين .
قال له انك حكيم ولا تقول الا الصدق لذلك قررت أن تكون سايس عندي في القصر لخدمنتي وضيوفي وسيكون طعامك خروف كامل كل يوم فقبل الرجل مضطرا الا انه هرب في اليوم الثاني مباشرة فذهبوا خلفه وجائوا به ورموه في السجن وقطعوا عنه الطعام (خروف) .
ثم جاءه السلطان ليسأله عن سبب الهرب منه قال الرجل أتمنحني الأمان قال نعم اطمأن وتحدث فقال له إنك انت سلطان شجاع وقائد غيور وبطل قومي وفارس الأمة لكنك ليس ابن سلطان .
أشرأبت عيون السلطان ورفّ شاربه وصاح في قرارة نفسه واسلطاناه وذهب غاضبا الى أمه لتخبره الحقيقة والا قتلها فقالت له . نعم يا ولدي إن ابوك كان عقيما فاقد للذكورة وكنت انا على علاقة مع طباخ القصر وانت يا ولدي إبن الطباخ .
عاد السلطان مهزوما مكسور الوجدان وسأل السياسي كيف عرفت انني ليس ابن سلاطين فقل له لإنني اعرف ان السلطان حين يكرم ويهدي فأنما يكرم بالمال والذهب وانت لا تكرم بغير الطعام تمن ومرق ودجاجة وخروف .
https://telegram.me/buratha