منهل عبد الأمير المرشدي||
كان عبيّس هاربا من الخدمة العسكرية (فرار) في زمن قادسية صدام المجيدة جدا وكان حارس البوابة الشرقية صدام كلما تعرض الجيش الى نكسة في جبهات القتال أصدر عفوا عام عن الهاربين ليعوض الخسائر في ساحات القتال وحصل ذلك بعد مأساة معركة نهر جاسم التي راح ضحيتها المئات من شباب العراق فتم االإعلان عن عفو عام عن الهاربين .
كان جيران عبيّس وأقاربه وأصدقائه جميعهم يعرفون إنه (فرار) فنصحوه بالعودة للخدمة والنجاة بنفسه من حكم الإعدام رميا بالرصاص الذي كان ينفذه الرفاق البعثيين بين حين وآخر داخل المناطق السكنية ويأخذوا ثمن الرصاصات من عائلة المعدوم ويكتبون على التابوت (جبان) ويمنع إقامة مجلس عزاء له .
بعد الحاح الناس عليه إقتنع عبيّس وارتدى ملابسه العسكرية وتوجّه قبل الفجر الى مرآب النهضة ليتوجه من هناك الى محافظة البصرة . كان مرآب النهضة مزدحم بالعسكريين يركضون في كل صوب وإتجاه حيثما شاهدوا سيارة (ريم) ليتدافعوا من اجل الصعود فقرر عبيّس أن يتناول الفطور الصباحي فجلس على صفيحة صغيرة بجوار (حسنة أم الكيمر) التي كانت فائقة الجمال يحدقّ فيها بعينيه وتناول أول (لفّة) وشرب الشاي وهو يتحدث معها ويتلذذ بضحكاتها معه فتناول اللفة الثانية والثالثة وحتى السابعة ومع كل لفّة يشرب شاي وهو يغازل حسنة ويضحك معها حتى بان قرص الشمس .
كان أخو حسنة يبيع اللبن قريبا منها ويراقب عبيّس الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء فتحركت عنده الغيرة والحمية وجاءه من الخلف وضربه ب(التوثيّة) على رأسه فطرحه على الأرض سابحا بدمه فأجتمع عليه الناس ونقلوه للمستشفى .
كان بحالة إغماء يعاني من ارتجاج في المخ لم يصحوا الا بعد ثلاثة أيام فسأل عن ما جاء به هنا فتم اخباره بالقصة .
خرج من المستشفى وتوجه الى البيت مشدود الرأس بضماد ابيض وملابسه مليئة بالدماء فشاهده اهالي المنطقة واستقبلوه على انه جريح حرب وركض الأطفال يبشّروا أمه (عبيّس متصّوب ) يعني جريح .
وبدأت امه (تهلهل) بالزغاريد والناس تحتضن (البطل)عبيّس وتقبّل به . جيران عبيّس كان رفيق بعثي (قنقينة) أكثر عليه من السؤال كيف أنجرحت واين ومتى .
فقال له عبيّس .. (والله يا رفيقي وصلت لساحة سعد ولكيت الطيارات مسويه الجنود لحم واخذتني الغيره من انضرب ابو الرباعيه وجان اكعد بمكانه واسقطت نص الطيارات بس خلص العتاد. فنزل عليّه احد الطيارين ووقف فوق رأسي وجان ينزل الجامه مال الطياره ويهفني بتوثيه ..ومالكيت نفسي اﻻ بمستشفى الكندي ! ) .
أخيرا وليس آخرا أقول كلما التفتت في عراق اليوم أجد عبيّس حاضرا أمامي فقد كثروا العبابيس لدينا اليوم وكلّهم أبطال وشرفاء ونزيهين ووطنيين وشجعان ونحن الفاسدين المجرمين الجبناء الخونة ونستحق الإعدام رميا بالرصاص على ان ندفع ثمن الرصاصات في المكاتب الرئاسية ومكاتب رؤساء الكتل السياسية ابراء للذمة .
ـــــ
https://telegram.me/buratha