الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
لا يخفى على الحاذق أن تنظيم داعش أحد أسرار الشيطان الأكبر الواضحة والبينة, وقد عمدت أمريكا إلى تشكيله لحاجتها إليه في زعزعت الاستقرار الدولي وقلب الموازنات, وقد تكفلت بحماية التنظيم وعناصره, ورعايتهم ودعمهم بالمال والسلاح وعلى حساب الدول التي كانت ولا تزال كالأبقار الهولندية التي تتميز بوفرة حليبها وكثرة لحومها, في مقابل الحماية الامريكية المزعومة لتلك الابقار الحلوبة, وبذلك فان الشيطان الأكبر يعمل كمنشار قاطع في سائر حركاته صعودا ونزولا وهمه الوحيد هو الاستيلاء على مقدرات الشعوب واستعباد الدول لتنظمَّ تحت عباءة محورها المعروف بمحور الشرِّ في قبال محور المقاومة.
ومن أجل الحفاظ على التنظيم الظالم تعمد أمريكا إلى بذل كل ما بوسعها ليتمكن هذا التنظيم من تحقيق أعلى مستوى من طموحات امريكا, فالعلاقة بينهما علاقة تكاملية قائمة على المصالح المشتركة بين السيد وعبده, ولم تتهاون أمريكا في كبح جماح الدول والقيادات والقدرات التي يمكنها أن تكون سبباً لكسر هذا التنظيم او اضعافه؛ ولا تخفى الجهود الامريكية الكبيرة التي رافقت دخول داعش إلى العراق وتحديدا عند سقوط أكثر من ثلث العراق بيد التنظيم آنذاك, واتضح في مسيرة داعش ودخوله إلى مدينة الموصل أن أمريكا كانت تمهد للدخول عبر معسكرات أعلن عنها القيادات العراقية فيما بعد وأشار ت إلى أن القوات العراقية كانت ممنوعة من الوصول إلى مواقع ومعسكرات داعش التي كانت تتمتع بحماية الطائرات التابعة للتحالف الدولي والذي كان من المفروض انها جاءت لنصرة العراق ضد التنظيم, ومن المناسب أن نذكر أن القيادات الوطنية التي كانت تمتنع عن الانسحاب كان مصيرها التحجيم والابعاد؛ بل السجن إذا استلزم الأمر كالذي حصل لقائد لفرقة الثانية الذي حاول مقاومة داعش عند دخوله إلى الموصل.
وهكذا استمر الدعم الامريكي الواضح لتنظيم داعش وفي مرآ الجميع من دون أن تكون هناك مواقف وطنية من القيادات الحكومية حتى قال الحشد كلمته, وبعد الاعلان الرسمي ولأكثر من مرّةٍ على لسان قيادات محور المقاومة, لم تكن أمام أمريكا إلا التفكير الجدِّي في تصفية قيادات الحشد باعتبارها التهديد الحقيقي للمشروع الامريكي في العراق والشرق الأوسط عموماً, وقد عملت أمريكا بمختلف الوسائل من أجل تحجيم أمكانيات محور المقاومة والحشد الشعبي, ولعل اليوم تعمل بشكل أكثر سلاسة في ظل وجود أدوات لها في أعلى مراتب الدولة وتنفذ أوامرها من دون ان تكون أمريكا في الواجهة بشكل معلن, ومن المناسب أن ندرك أن القرارات التي صدرت في تغيير القيادات الأمنية إنما جاءت في مصلحة داعش وربه, وبذلك يمكن القول أن السياسة تصنع ما تعجز عنها المواجهة في ساحات القتال ويمكنها ان تكبح جماح الأبطال بكلمات تمنعهم من ممارسة نشاطهم البطولي ضد الارهاب, وقد أثبت زور كنعوص أن من يصرُّ على محاربة داعش فان مصيره الجلوس في بيته ليبقى الأمر سراً معلنا تتبناها أمريكا وتنفذها أدواتها, فهل من معتبر.
https://telegram.me/buratha