المقالات

حول زيارة الأربعين و انتفاضة ٢٠صَفر البطولية


 

د. رعد هادي جبارة☆||

 

    سبع روايات في سبعة مصادر وجدتُها منقولة عن ائمة اهل البيت (س) في فضل وثواب زيارة مرقد الحسين ع [ماشياً] كلها تتضافر على الثواب الجزيل والثناء الجميل على زائر الحسين ع وتعطي كل خطوة من خطواته أعظم الأجر عند الله سبحانه و تعالى. ولكنني لم أعثر رواية موثوقة في الذهاب ((مشياً)) لزيارة بقية مراقد الائمة العشرة الاخرين في طوس والعراق والحجاز ولم أجد روايات تحثّ على(الذهاب "مشياً") لزيارة مراقد ذريتهم .

    ولربما كانت الأجواء الروحية والمعنوية هي التي تجذب عشرات الملايين من أنصار وأتباع اهل البيت ع ومن المذاهب الاسلامية بل وحتى بعض أتباع الاديان الأخرى يأتون سيراً على الاقدام ، في طقوس عبادية ذات صبغة روحية ومعنوية، لكي يزوروا مرقد الحسين ع و يتزودوا من نفحاته المعنوية.

    و منذ سنين طويلة [ 1973 فما بعد] وُفّقتُ للمشاركة والحضور في هذه الطقوس التي كانت المشاركة فيها مقتصرة على بضعة الاف من الاشخاص (معظمهم من النجف) دون اي كاميرات ولا خدمات ولا مواكب منصوبة على جانبي الطريق الرابط بين النجف الاشرف وكربلاء سوى وجبة طعام في خان الربع و خان النص وخان النخيلة. 

    وفي عام 1977م خرجت انتفاضة كبرى من النجف الاشرف و تظاهرات تجسد التحدي  بعد الاعلان الحكومي عن منع المشاية والتهديد الصارم بقمع المشاركين في المسيرة التي كان البعض يسميها (البياده بالباء المثلثة) .لقدخرجت جموع غاضبة وخاضت مواجهات بالهراوات والقبضات مع شرطة النظام الظالم و جلاوزة أمن البعث المدججين بالاسلحة الناريةو البيضاء، وكان المنتفضون يحملون راية كبيرة مكتوباً عليها [يد الله فوق ايديهم] و تم اعدام احد عشر شخصا من النجف واستشهد حامل الراية بالرصاص في الطريق، واعتقل النظام الظالم المئات من الثوار وعُذِّبوا، وكان أحدهم أبي الشاعر الفقيد هادي جبارة. 

     والمؤسف ان هذه الانتفاضة البطولية لايكاد يذكرها الكتّاب و الصحفيون و المشاية الحاليون رغم أنها كانت أول تحدٍّ للنظام وظلمه وبطشه بحيث استخدمت الحكومة طائرات الميغ 17 و21 واستقدمت الفرقة المدرعة العاشرة من [المحاويل والتاجي] لمواجهة الثوار و اعتقالهم. واعترف بها النظام في وسائل الاعلام الرسمية رغم حرصه الشديد على التكتم على اي تحركات شعبية ضده.

      ومنذ سقوط النظام الظالم اتسع نطاق المسيرة الحسينية وأخذ يشارك فيها الملايين . و كنت - وماأزال - ادعو للاستفادة من وجود هذه الحشود الشعبية المؤمنة المليونية من قبل الحوزات العلمية و المثقفين الرساليين، بما ينفع المشاركين بالفوائد المعنوية[فضلا عن الموائد الغذائية السخية] من أجل تعلّم المسائل الشرعية ،ونبذ العادات السيئة، والبدع المشوهة، وترسيخ ثقافة اهل البيت س، و نشر الثقافة القرآنية ، وتقوية الوعي، وبناء الشخصية الرسالية المتعمقة في حب اهل البيت ع ، وإحياء الطقوس عن بصيرة ومعرفة ، و وعي وتعمق، لا عن حب سطحي وعاطفة قشرية والمشي 70 كيلومترا (أو أكثر) دون مغزى وبلا تدبر وتأمل بتوءدة في أهداف ثورة الحسين ع ورسالة جده المصطفى ص ومعرفة الاحكام الشرعية وآيات كتاب الله المجيد.

      وفي العام قبل الماضي بادرت الى ترجمة 12 كتيباً عن أهل البيت س مخصصة للفتيان و الناشئة،مكتوبة بأسلوب بسيط، للتوزيع المجاني بمئات الالاف على المشاركين في المشاية، إسهاما في التوعية العامة ولم أقبض عن ترجمتها فلسا ولاتومانا واحداً.

   لقد كنتُ - ومازلتُ - أتمنى وأطالب بأن تُنصَب خيمٌ أكثر، مخصصة للاجابة عن المسائل الشرعية، و الاسئلة العقائدية والايات القرآنية، (مثلا خيمة أو أكثر،بين كل 200متر ، و هذا لا يكلف شيئاً من أموال الحقوق الشرعية المتوافرة بكثرة لدى الحوزات العلمية الموقرة، ولكنه يوفر الجانب المعنوي للزيارة ويثقف الزائرين ويجسد المائدة المعنوية لهم للتعرف على الاحكام الدينية والمعاني السامية للثورة الحسينية ومعاني الآيات القرآنية.

     وثمة ملاحظاتٌ دونتُها أثناء مسيري في العام قبل الماضي حول ضرورة تشجير الطريق لتوفير الظل من أشعة الشمس المحرقة، و ضرورة توفير عدد اكثر من حاويات النفايات وأكياس القمامة والمرافق الصحية والحمامات وسرادق المبيت، و ضرورة التوقف عن بث المراثي بصوت عالٍ عبر مكبرات الصوت اثناء الاذان وخلال انعقاد الصلاة،احتراما للصلاة التي هي عمود الدين ،والتي استشهد الحسين ع من اجلها ،وكذلك عدم التبذير بالطعام ورمي النعمة نتيجة كثرة أخذ الطعام وتوزيعه وعدم إمكانية أكله كله مع التنوع الموجود فيه والذي يتسبب في عسر للهضم وآلام في المعدة والامعاء.

     وبعد انتهاء زيارة الاربعين ثمة مشكلة عويصة في النقل المعاكس لملايين الزوار من كربلاء الى مدنهم حيث يعاني مئات الالاف من الناس من التزاحم على سيارات الشحن العالية [التريلات و اللوريات أي الشاحنات الحوضية] وعدم استطاعة النساء والعجزة والاطفال من تسلقها بسرعة وبلا سلالم،وندرة الحافلات والسيارات الصغيرة والتكاسي .فلابد من الاهتمام بعودة الزائر المرهَق و توفير وسيلة نقل مناسبة للنقل المعاكس الى المدن التي انطلق منها الزائرون.

☆باحث إسلامي

 ومستشار ثقافي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك