لم يكن القبر نهاية ذكر الانسان ، و خصوصا من جعل من الحياة مزرعة الاخرة ، بل ان الناطق بالحق تكون حياته و مماته ذكرى و الأسوة الحسنة لأجيال جيلا بعد جيل . و لذلك كان شريعة الاسلام من اكثر الاديان التي حثت على احترام شخصية الانسان في الحياة و حتى بعد الممات ، و لذلك جعلت في شريعتها احكام خاصة و مشددة و ملزمة التطبيق و العمل بها تحت عناوين ( كتاب احكام الميت ) او ( شؤون الميت ) او ( فقه الميت ) الى اخر المسميات التي تصدر و كلها عبارة عن احكام فقهية بخصوص الميت ، و الكلام في هذه الكتب الفقهية تتحدث عن حقوق الاموات على الاحياء منذ لحظة الاحتضار ، و الغسل ، و التكفين ، و حمله و اتباعه ، و الصلاة عليه ، و دفنه ، حتى ما بعد الدفن بل و تعرضت الشريعة الاسلامية الى الحقوق الاخلاقية للاموات على الاحياء ، و كل ذلك كان الكاشف عن فلسفة خاصة التي تراها شريعة الاسلام الى الميت ، وانه غير منقطع عن التدخل بمجريات الحياة ، حتى بعد مماته . و الحديث المتواتر و المشهور عن النبي محمد ( ص ) : ( إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) ، و دلالته واضحة على بقاء علاقة الميت بالاحياء مستمرة ، بل و مؤثرة في سلوكهم و قراراتهم و توجهاتهم من خلال الاقتداء بعلم و فكر و نهج وسيرة الميت . من هنا كان هم و توجه الظالمين و الطواغيت الى هدم القبور والتوجه الى اصدار الاحاديث المكذوبة ، بغيت المحاولة الى انهاء ذكر من هو بمنزلة الأسوة الحسنة ، و التخلص من المد الروحي الى الاجيال التي تقدى به ، و التاريخ سجل العديد من هكذا محاولات لهدم ذكرى الاسوة الحسنة ، و كان ابرزها قبر حر الدنيا والاخر الامام الحسين ( ع ) الذي توالت الطواغيت على هدم قبره الشريف كما ان هدم قبور الائمة في البقيع واضحا للعيان و لليوم و الغرض معروف من وراء كل ذلك . كل الغايات من هدم القبور و محاربة زيارتها كانت غايات سياسية و ليست عقيدة اسلامية ، الغرض منها انهاء ذكر ممن ذكره احياء لثورة ضد الظالمين و المحتلين و اتباع الشيطان الرجيم ، فكانوا على يقين انه القبر يبث رسالة الى الاحياء ، و يشجعهم على السير ضمن المنهج القويم . و اليوم نلاحظ قوى الشر ايضا تحاول العبث بسيرة الاموات من الصلحاء و الشهداء و الابطال من الحشد الشعبي ، من خلال تمزيق الصور او المحاولة الاساءة الى سيرتهم او الاعتداء على قبورهم و غير ذلك ، من الامور التي يرغبون منها انهاء ذكرى تلك الابطال ، يتصور كبيرهم المحتل انه يستطيع ان يمحو ذكرى تلك الابطال من الذاكرة ، او ان يمسح وجودهم من قائمة الأسوة الحسنة ، و هي قائمة ربانية باقية ما بقى الدهر ، فنقول : يا محتل و من انغر بك كد كيدك فو الله لا تمحوا ذكرنا و سيبقى العراق منتصرا برجال الحشد و برجال المقاومة المخلصة الشريفة و بكل رجال العراق المؤمنين ، و سلاما على العراق و شعبه .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha