عدنان جواد||
ربما يتساءل المتابع ما علاقة العرب والعراق بالإسلام والحشد، بالحقيقة اقتبست العنوان من قراءة بسيطة لاحد الكتاب الذي تناول مقدمة ابن خلدون عالم الاجتماع المشهور والذي اثارني قوله: (العرب بدون الاسلام لا يساوون جناح بعوضة)، وهو محق في كلامه، فالعرب مجموعة قبائل تتقاتل في الصحراء، ولولا النبي محمد صلى الله عليه واله ورسالته السماوية الاسلام، لبقوا في الصحراء نكرات لا يعرفهم احد، وربما ذابوا تحت ظل الامم العظيمة كأمة الفرس والروم والترك، فاختفت اشعارهم ومعلقاتهم، وبطولاتهم ، لكن الله جعل لغة القران لغتهم العربية، وجعلهم امة الاسلام وقادتها واول نواتها.
تلك الامة العظيمة التي خضع لها الشرق والغرب، فرضت نفسها بقوة رسالتها ودعم رباني، وصدق وتفاني رجال عظام اعتنقت دينها الامم الاخرى فأصبحت تدافع عن الاسلام، وتحمل رايته بل تدين بالعرفان للعرب ونبيهم واهل بيته في نشر الاسلام واعتناقهم لذلك الدين القويم، لكن مع الاسف وبعد ان انتشر الاسلام ، عاد العرب لجاهليتهم الاولى وخاصة في الظلم والتوريث في الحكم ، والاستعباد وعدم المساواة في توزيع الحقوق بين الناس، فغاب العدل وسادت الفوضى والاحتلال والاستغلال، والواقع الذي نعيشه اليوم هو امتداد لذلك الزمن الغابر، فالعرب اليوم لم يبقى لديهم من الاسلام فقط اسمه، فهم منقسمين بين حليف لليهود كما كانوا في زمن قريش، وبين ساكت خوفا من الانتقام وبين متبني لرسالة الاسلام.
عاد العرب لجاهليتهم الاولى فاصبح الاخ يقتل اخيه من اجل الغنائم ، فهاهي ليبيا وسوريا و العراق واليمن تم تمزيقها، من قبل شقيقاتها العربية، ومن انقذها من العصابات المسلحة القاتلة التي تم تمويلها وتجنيد مقاتليها، هي دول اسلامية غير عربية، فايران انقذت العراق من حرب كادت ان تحرق اخضره ويابسه ، وايران تساعد دولة عربية احتلتها اسرائيل ولبنان ضد نفس العدو، وسوريا من التفكك والدمار، واليمن من القتل والدمار السعودي العربي، وتركيا وايران يساعدان قطر الدولة الخليجية التي اختلفت معها الامارات والسعودية، وكادتا ان تحتلها وفرضتا عليها حصارا قاتلا، انهم اما يفكرون بوحي القبيلة، او ينفذون مخططات اسيادهم في اسرائيل وامريكا.
والعراق بدون الحشد كان سيكون اثر بعد عين، فبعد سقوط ثلاثة محافظات بيد داعش، والدولة لم يبقى منها الا الاسم الدولي، قد غابت المؤسسات التشريعية ، والتنفيذية والقضائية، واصبحت تلك السلطات بيد شذاذ الافاق يحكمون على من يخالفهم بالدين، والمذهب، والفكر والراي، وحتى من يعترض بالقتل ، فاتشحت المدن بالسواد، ومنظر الذبح صار امام الاشهاد، فعاد العراق لقرون الجاهلية واختفت كل مظاهر الحضارة ، والتاريخ والفن والعمارة، فكل شيء في طريقهم اما يخرب او يحرق، القضاء يتولاه صبيه يقضون بقطع اليد والرجل ، ويرمون الناس من البنايات الشاهقة، واما المشرعون فان فكرهم منحرف يحللون الحرام ويحرمون الحلال، ويسبون النساء ، وينكحون ما طاب لهم وكأنهم في حضيرة حيوانات، فضاقت الناس بهم ذرعا، هرع الاكراد لطلب النجدة ، لان داعش احتلت سنجار واصبحت على مشارف اربيل، وهرع السنة في المحافظات الغربية لطلب العون والنصرة، فما كان من المرجعية وابنائها الا ليلبوا النداء وينصروا الاشقاء ويعيدوا الوطن لحضن اهله بعد ان بذلوا الغالي والنفيس، لكن مع الاسف البعض ينسى بسرعة، وخاصة بعد ان عاد لحياة الترف وذهاب وقت الضيق، فاخذ يتنكر لدور الحشد بل ويدعو لحله، وهو مصدر عزتهم وكرامتهم، فكما الاسلام اعز العرب وجعلهم خير امة ، حفظ الحشد العراق من الانزلاق للهاوية، وانه المانع للتشرذم ومصدر قوة للجميع وبدونه سوف تعود الفوضى والتقسيم لذلك تريد امريكا واسرائيل تفكيكه وحله، كما تم عزل العرب عن اسلامهم ببرامج الترفيه والرقص والطرب والغناء ومدن الملاهي وغيرها بحجة مواكبة التطور.
وفي الختام الخطاب موجه لأصحاب الكراسي، كفاكم تجارة بدامائنا، الم تمتلئ جيوبكم وبطونكم بالسحت الحرام، الا تتفكروا بما سبقكم الم تتعظوا بالوباء، هذا وطنكم ودينكم الذي شرفكم الله به، فلماذا تشترون الدنيا الفانية باخرتكم ؟ وانكم سوف تخسرون الاثنين معا، فالهجمة تستهدف الاسلام في الاصول والفروع والثقافة والهوية والتاريخ، وتستهدف بالخصوص المرجعية وعلماء الامة، واستبدالهم بمرجعيات مزيفة وافكار منحرفة للقضاء على الاسلام المحمدي الاصيل ، والابتعاد عنه فيه هلاككم وضياع جميع طموحاتكم فانتم اول الهالكين.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha