المقالات

السيستانية ونزعة الائتلاف والاختلاف 


  ابراهيم العبادي||

كانت مفاجأة للمثقفين اكتشافهم ان فقيها كبيرا يستعير مفهوم ومصطلح التعايش السلمي  في الدرس الفقهي لحل اشكالية اختلاف التشريع والتقنين بين المذاهب الاسلامية ،والذي ينعكس خلافا اجتماعيا وقانونيا وسياسيا .بما يؤسس لمعضلة التعارض والصراع النفسي والاجتماعي والسلطوي في المجتمعات والدول ذات البنية المجتمعية المتعددة مذهبيا ودينيا . في عام 1987 وفي سياق بحث قاعدة الالزام الفقهية  ،كان السيد السيستاني يلقي درسه على طلبته ليلا في ايام شهر رمضان ،ليصل الى نتيجة مفادها ان التعامل بين الامامي وغيره في موارد الخلاف الفقهي لاتنحصر في قاعدة الالزام الشهيرة عند الفقهاء ،بل عنده (السيستاني )ينبغي ان تتأسس (على قانون أخر غير قانون الالزام ،وهذا القانون هو قانون الاحترام المتبادل فيما اذا كان بناء المجتمع المتشكل من الاديان والمذاهب المختلفة ،على التعايش السلمي ،فان ذلك يستدعي أحترام كل من الاطراف قانون الاخر )ص72، وفي موقع اخر من بحثه يقرر السيد السيستاني  :ان عدم الاحترام ينافي التعايش السلمي المشترك الذي هو اساس الذمة والهدنة والتعاون .ص73. مثار الدهشة في هذا النص ،ان الفقيه السيستاني (قبل ان يصبح مرجعا)كان ينظر في بحثه الى واقع المجتمعات الاسلامية التي يسود فيها التعدد المذهبي ،وكان اتجاهه في مقاربة القواعد الفقهية ،اتجاها تحديثيا كما لو انه كان يستشرف مستقبل الاجتهادات الفقهية وفاعليتها ومعقوليتها في معالجة مشكلات معاصرة  ومدى ملائمتها للواقع المتعدد ، في ظل اجواء خانقة ورتابة منهجية كانت تسيطر على حوزة النجف حيث لم  تكن يومها معنية بالتقنين لمجتمع مفتوح ونظام سياسي يعتمد الرؤية  الفقهية الاسلامية . كان اجتهادا  اذن ينطلق من رؤية حديثة ومرتكزات سيظهر اثرها التجديدي لاحقا وهو ماحصل بالفعل بعد التغيير في العراق  عام 2003،فادارة مجتمعات تعددية تظل بحاجة الى انماط من الاجتهاد لاتتسع لها الرؤى التقليدية ،وهذا هو الذي ميز السيد السيستاني الذي نعيد اكتشاف رؤاه ونظرياته في لحظة احتدام ايديولوجي وسياسي ومجتمعي .  الفائدة المتوخاة من هذه الاكتشافات انها ذات قيمة معرفية وسياسية ،تؤسس لما بعدها ، وربما تظهر قيمتها المستقبلية عندما تكون قاعدة للفهم المتجدد اذا تساقطت الرؤى المنغلقة واحتيج الى مفاهيم وقواعد ذات تأصيل بنكهة حديثة تلائم الواقع وتجترح حلولا لازماته المعقدة . السيستاني يريد ان يتعامل الناس وفق قاعدة الاحترام المتبادل والتعايش السلمي ،وعلى اساس هاتين القاعدتين تتأسس علاقات التعاون والهدنة والذمة بين هذه الاطراف ،هل يبقى اثر  بعد هذا الموقف ،لتراث التكفير النظري والعملي ،الظاهر والباطن ،السري والعلني ، يسمم علاقات ورؤية المسلمين لذواتهم قبل ان يسيء لعلاقاتهم مع الاخر غير المسلم ؟  ان هذا التراث المتسامح هو ماينبغي البناء عليه لتجاوز موروث سلبي ،يتم استعادته لتفجير ازمات خطيرة بين الحين والاخر ،في مجتمعات هشة تحتاج الى الحكمة العملية .  (قاعدة الالزام ،بقلم محمد علي الرباني ، نسخة محدودة التداول 1436هـ).
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك