المقالات

الوزن السياسي لاجيال الاسلاميين الشيعة في العراق -2-


  ابراهيم العبادي||

 

شهدت الساحة السياسية في العراق ولادة ثلاثة اجيال من الاسلاميين الشيعة على امتداد ستين عاما ،والمقصود من الاسلاميين هنا تحديدا الحركات والاحزاب والتيارات والجماعات والفصائل الشيعية التي تبنت خطابا اسلاميا في مقاربة جميع قضايا المجتمع والدولة والعلاقات الدولية ،وحدد بعضها  هدفا ساميا لنشاطه وهو اقامة الدولة الاسلامية واسلمة قوانين المجتمع والدولة وتحديد الموقف من الاخر القريب والبعيد يوافق  منظورات يستمدها  من منظومة التراث والتاريخ  الاسلامي ومحدداته العقدية والفقهية . وفق هذا التعريف الاجرائي فان القوى الاسلامية تصنف نفسها ويصنفها غيرها ،  بأنها تتمسك  بهوية خاصة بها تتمايز بها عن المجتمع التقليدي العام ،  وتتمايز عن القوى الاخرى ايديولوجيا وسياسيا ، وقد خاضت هذه القوى بحسب اجيالها صراعا فكريا وسياسيا اتخذ اطوارا سلمية وعنيفة بحسب الظرف الذي عاشته ، الى ان استقرت الخريطة السياسية العراقية على ماهي عليه راهنا بعد كل المحطات العاصفة التي مر بها العراق ، حيث يبدو التيار السياسي الاسلامي   الشيعي هو الكتلة الاعلى صوتا والاكثر هيمنة وتأثيرا على المشهد السياسي ،ومازال هذا التيار بكل تلاوينه الداخلية ومشاكله الذاتية وصراعاته وتنافساته وارتباطات جماعاته ،حريصا على خوض معارك الوجود دفاعا عن المساحة والحيز الاجتماعي والنفوذ السياسي ،  وهو يعتقد انه الاحق بتمثيل الجمهور الشيعي في ساحة شديدة التعقيد ،حيث يدور صراع على السلطة والثروة والموارد ،ويغدو امتلاك السلطة والتأثير في السياسات هدفا بذاته ،  يتكرس بدوافع ايديولوجية ومصلحية ،  ويستجيب لاشكال الصراع والتنافس التي تشهدها المنطقة عامة والعراق خاصة .فالصراع في العراق لاينطلق من محركات ذاتية بحتة ، وليس بدوافع التمثيل عن الجماعة العرقية او الاثنية او المذهبية فحسب ،  بل هو ساحة صراع اقليمي ودولي ،  وبهذا صار ترتيب  الوضع الداخلي مرتبطا بتاثير تقاطعات المصالح بين المحاور وقوى النفوذ الاقليمية والدولية  . لكن هل كان التيار الاسلامي السياسي الشيعي كتلة واحدة ويمتلك رؤية موحدة؟ وهل ان مقارباته لقضايا العراق تصدر كلها من رؤية (مذهبية)ام انها تختلف باختلاف محددات الفكر السياسي والتنظيمي والاهداف الكبرى ؟  الاسلاميون الشيعة اجيالا ثلاثة كما اسلفنا  ،ولكل جيل منهم اولوياته وزعاماته ومنظوراته وظروف انطلاقته واشتغالاته الايديولوجية ،وهذه الاجيال وان اجتمعت في لحظة حاسمة راهنة  ،لكن مشتركاتهم العملية واختلافاتهم  وحساسياتهم ومرجعياتهم الفكرية والسياسية  تركت  تإثيرا بالغا على صورتها في الشارع ،وحددت مساحة العمل وستراتيجته واولويات الفعل الاجتماعي والسياسي وطبيعة الشعارات  ،في سيرورة لم تكتمل بعد وهي متأثرة بقوة وفاعلية   المنافسين وانعكاسات الصراع الاقليمي والدولي  وامتداداته داخل العراق . فمثلما تأثر الجيل الاسلامي الاول بالصراع بين الشرق والغرب ،  والحرب الباردة بين المعسكرين ،وصراع الافكار والتيارات الايديولوجية القومية والماركسية و(الغزو الثقافي )وانطلاق تيارات اسلام سياسي سنية ، ....فان الجيل الثاني تبلور بعد الانتفاضة الشعبية بعد سنوات القمع الشديد وازمة الكويت والحصار والفقر والمعاناة الانسانية الرهيبة ثم احتلال العراق ،اما  الجيل الثالث فانه  ولد في لحظة اصطدام متعدد الاشكال على ارض العراق ، من سياسات الاحتلال ،الى الارهاب السلفي الجهادي وسقوط ثلث العراق  ، الى الصراع الطائفي في المنطقة  ،والاصطدام الايراني -الامريكي ، وفوضى ثورات (الربيع العربي)، من مصر الى سوريا ،ومن ادلب الى باب المندب ،وكل هذه المؤثرات تركت اثارا خطيرة في تصورات  اجيال الاسلاميين عن انفسهم واهدافهم  وفي تعريفاتهم  لذواتهم وللاخر ،وشكل علاقاتهم وتحالفاتهم ،اي دولة يريدون ؟ واي موقع سياسي واجتماعي يرتضون ؟. ومع من ينتظمون في الموقف والشعار ؟ . ولكل ذلك ثمنه الاجتماعي والامني والاقتصادي والسياسي ،بما حمّل الدولة اعباء  اعاقت عملية بناءها  ،  فصار هذا التيار يتحمل قسطه من المسؤولية  في  تأخير بناء الدولة واستقرارها 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك