المقالات

عندما يصبح رجال الدولة صناع أزمات!

1705 2020-12-08

 

زينب فخري ||

 

لا بدّ لرجل الدولة أو صانع القرار أن يظهر دائماً أمام وسائل الإعلام لبيان رؤيته وتحليلاته للأحداث الشائكة والمعقدة والساخنة وتلك التي تهم مواطنه وتمس احتياجاته ومتطلباته، وأن يحرص على اختيار مفردات تغريداته أو خطاباته فضلاً عن اتقانه للغة الجسد وإن لم يكن يحظى بالكاريزما، ليبدو رجل دولة حقيقي لاسيما إذا كانت دولته تواجه أزمة حادة توشك بالإنهاء على استقراره السياسي والاقتصادي.

ونستشهد بمقالنا هذا برجلين تصدوا لحلّ وإنهاء أزماتٍ عدّة، ودون ضجيج وظهور إعلامي، أولهما: زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني هانز يورغن فيشنيفسكي (المتوفى 2005) الذي عمل خلال السنوات العشرين الأخيرة من عمره خبيراً في الأزمات، وقد أكسبته معرفته بالعالم خبرة واسعة سمحت له بالقيام بمهمات ناجحة لحل الأزمات التي واجهت بلده فضلاً عن صفته كمفاوض بارع. وثانيهما الأكاديمي والسياسي والمسؤول الحكومي التركي فؤاد أوكتاي (المولود عام 1964) الذي برز مؤخراً كرجل لحلّ الأزمات في تركيا، فخلال الأزمة الاقتصادية عام 2001، شارك أوكتاي في أدوار إدارة الأزمات في بلده وقام بصياغة العديد من الاتفاقيات في مجال إدارة المخاطر والأزمات مع الدول الأخرى نيابةً عن الحكومة التركية.

وفي المقابل هناك رجال يصنعون الأزمات، ويغدون مثاراً للتساؤل والجدل معاً.

 فهذا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي توصف دولته بأنها الأكثر قوة وتأثيراً في العالم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً، يصرح في تغريدة على تويتر "إن هناك أدلة كثيرة ودامغة على وقوع تزوير في الانتخابات الأميركية"، يتهم العملية الانتخابية في بلده بالتزوير؛ لأنه فقط خسر في الانتخابات! وهو يعرف جيداً أن النظام الانتخابي في بلده يحظى باحترام كبير بسبب جذوره التاريخية في تأسيس الولايات المتحدة، كما لا يختلف اثنان أنّ الولايات المتحدة قطعت أشواطا مهمّة في نظامها الذي يعدّ الأكثر ديمقراطية في العالم، ولا يعلم الرجل أن اتهام الديمقراطية الأمريكية يعني اتهام صريح لولايته المنتهية.

تغريداته الباعثة على السخرية سترهقنا بالقلق على مصير الانتخابات القادمة في القبائل الافريقية! وسنحمد الله ونشكره على احتراق بعض صناديقنا الاقتراعية فقط!

أما التصريح الثاني فكان لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إذ قال في مؤتمر صحفي: "ستواجهنا مشكلة رواتب في الشهر الواحد من هسة.. مو تقولون الحكومة ما دفعت!.. من هسة واضحة الأمور"!..

ولا أدري لماذا ذكرتني مقولته هذه بمقولتنا منذ كنا صغاراً: "من هسة أقول لكم أني معليه"!

يا دولة رئيس الوزراء تصريحكم هذا لم نفسره على أنه مصارحة لشعبكم بل عجز واضح في إدارة الدولة، وأن هناك عقوبة جماعية ستطال ملايين الموظفين والمتقاعدين.

لقد روعتنا بتصريحكم هذا، وجعلت ذاكرتنا تعود بنا لأيام الحصار البغيض. ما ذنب الموظفين التي قد تصل خدمة بعضهم إلى ما يزيد عن ثلاثين سنة لتفجعهم بهذا التصريح؟ّ ما ذنب المتقاعدين الذين أفنوا عمرهم لخدمة بلدهم يدفعوا ثمن سوء إدارة الدولة وسوء استثمار مواردها؟! ما ذنب العوائل العراقية التي تنتظر استحقاقها الشهري تدفع ثمن افلاس خزينة نهبها الفاسدون والبحث عنهم ليس صعباً؟!

لقد زعزع تصريحكم استقرار مواطنيكم واقض مضجعهم، وسيؤثر حتماً على السوق العراقية التي تعاني الكساد منذ شهور، أي قبل فايروس كورونا، التي وقع ضحيتها اقتصادياً الكسبة وذوي الدخل المحدود.

كنا نأمل برئيس الوزراء أن يتمتع برؤية ثاقبة يعمل جاهداً ليحيا شعبه حياة كريمة مستقرة، وينتشل بلده العراق من واقعه الهش الذي نخره الضعف والفساد، وأن يدرك الأزمات بحلول ناجعة قدمت إليه ليس من وزرائه ومستشاريه فقط بل أيضاً كمقترحات من جهات عديدة: أكاديمية وبحثية واستشارية لكنه فضل التصريح المتضمن معنى "أني معليه" هروباً من المسؤولية، المدرِك لثقلها قبل تسنمها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك