محمد وناس ||
ما الذي تعنيه كلمة لا شيء
وكيف نحدد ماهية اللاشيء هذا ؟؟
ببساطه شديدة نستطيع ان نعرف اللاشيء على ان كل ما نجهله هو لا شيء بالنسبة لنا ..
اذا فالأمر نسبي . ؟؟؟
قد يختلف اللاشيء من انسان الى اخر بحسب نظرته .
ما الذي يعنيه القمر لك لو تركنا وروده في قصص العشاق وقصائدهم .؟؟؟ . بالتأكيد لاشيء
ثم ما الذي يعنيه نفس القمر هذا بالنسبة لعالم الفلك او عالم الرياضيات ؟؟. يعني كل شيء
علم الكيمياء .
علم الجينات
الهندسة الوراثية
ما الذي يعنيه وجود حياه اخرى في الكون غير الحياة الموجودة على الارض ؟؟؟
بالنسبة للكثيرين منا لا تعني شيء ابدا بل لم نفكر بالموضوع مطلقا وهو في حكم اللاشيء , لكننا لو فكرنا ان نخوض في هذا المجال . مجرد التفكير يحول هذا الامر الى شيء شغل حيز من تفكيرنا وبذلك تحول الى شيء بعد ان كان لاشيء قبل ثواني .
لا يمكن للإنسان بأي حال من الاحوال استيعاب كل الموجودات في الكون .بحكم تركيبته الفسلجية , فحاول التخصص .
انتشرت في بداية عصر النهضة ظاهرة الانسكلوبيدير . وهو الموسوعيون الذين حاولوا ان يعرفوا شي عن كل شيء وهم في الحقيقة نموذج لحاجة المجتمع في تلك اللحظة من الزمن وانعكاس لما خلفه المجتمع الاسلامي في الاندلس من ثقافة او نسخة اوربية لابن رشد وابن سينا وغيرهم من الشخصيات التي كانت تملك معرفة في مجموعة علوم . فابن رشد الدكتور والفيلسوف وعالم الرياضيات والشاعر هو نسخة لابن سينا ونسخة للفارابي وغيرهم . والذي حاول الغرب تقليده بظاهرة الانسكلوبيديرز
والحقيقة ان هؤلاء الموسوعيون مع كل ما قدموه لحركة النهضة من دفعه لم يستطيعوا المواصلة لعجزهم مع مواكبة كل جوانب المعرفة الإنسانية واستيعاب كل الاشياء التي تملئ الكون .
فتوجه الجنس البشري بعدهم فكرة الى التخصص وحصر المعرفة الفردية في جانب معين وإحصاء كل تفصيلات هذا الجانب والإبداع فيه . دون الالتفات للعلوم البعيدة الا بمقدار ما يحتاجه التخصص ويصبح كل شي محصور في ما نريد البحث فيه , مما يخلق لنا جهل في جوانب اخرى من المعرفة فيصبح كل ما لا نعرف بالنسبة لنا لا شيء
نستنتج من هذا ان اللاشيء هو كل ما نجهل . وبالنتيجة هو اقرار من البشرية بجهلها الجزئي . وهذا الجهل هو ما دفع الانسان للبحث عن شيء كامل يحتوي كل المعرفة .
لقد سعي الانسان الاول للبحث عن هذا المتكامل .فأوجد لنا فكرة الانسان السوبر او الانسان المتكامل او المكون الذي يستوعب كل الكون ولا يحمل في مكونه فكرة اللاشيء , التي استولت على الجنس البشري
عندما عرف ارسطو العناصر وحددها بالاربعة ( النار والتراب والماء والهواء ) دأب من بعده الفلاسفة عن البحث عن العنصر الخامس ( العنصر الكامل الذي لا يفنى ) فكان الانسان هو العنصر الاقرب لهذا التعريف
فجلجامش نظر الى الكمال بأنه الخلود والاستمرار لعجز الجنس البشري عن مقارعة الموت والفناء , فأطلق لنفسه العنان في رحلته نحو البحث عن الخلود وبالتالي الكمال .
ثم جاء افلاطون ليقدم لنا نموذج ارقى وأبدع في البحث عن العنصر المتكامل الذي يحتوي كل الاشياء وخلصه من النزعة الفردية ليطرحه في مجتمع متكامل ( المدينة الفاضلة او جمهورية افلاطون ) . وقد تكون فكرة المدينة الفاضلة اقرار من افلاطون بعجز الجنس البشر ي منفردا ان يجد انسان يحتوي كل شيء ولابد للفرد ان يحمل النقص والجهل في احد جوانبه فتوجه لان يخلق مجتمع يسد فراغ النقص الفردي بين افراده ليتعامل مع المجتمع ككتلة واحده متكاملة تمثل حالة الاحتواء لكل شيء.
اكتشف الانسان الاول عجزة وجهلة في جوانب كثيرة من الكون فحاول انتاج فكرة العنصر المتكامل .
وغالبا ما تكون نقطة الضعف لدى مجموعه معينة هي المبحث الاساس الذي ترتكز عليه فكرة العنصر المتكامل
هذه الفكرة التي تجسدت عند البابلين ومن بعدهم الاغريق بمجمع الالهة الذي اوجد لنا مردوخ وهرقل الذي يسموا عن البشر وينخفض عن الالهة ليكون نصف اله او نصف بشري وفي النصف الاخر يحتوي الكمال . لحاجه الانسان ان يلامس الحقيقة فيحولها من الماورائيات والغيبيات الى الواقع .
كذلك اليهودية التي اوجدت لنا فكرة الميشيا المخلص . الذي يأتي في اخر الزمان ليقود بني اسرائيل الى بناء دولتهم الكونية وهذا الميشيا هو العنصر المتكامل الذي يعلم كل شيء ويستطيع التعامل مع كل شيء .
لتكون المسيحية على نفس الخطى مضيفة لهذا العنصر المتكامل صفه قدسية فجعلته ابن الله ولكي تسوق من خلاله ما تراه من المثاليات تحت عنوان العنصر المتكامل المقدس .
وقد لا يختلف الاسلام عن هذا المنهج كثيرا .
ففكرة المهدي لا تعدوا ان تكون نموذج للعجز البشري والجهل الانساني بالأشياء واستمرار لوجهت النظر اليهودية بالبحث عن العنصر المتكامل
مضاف لها مسحت القدسية باتصال هذا المقدس بالرسول الاكرم .
هذا المخلص الذي يضيف للعلم 23 ضعف .
قد يكون البحث في هذا الجانب متقاطع في نظر البعض مع قدسية الاديان وما اوجدته من اسطورة حول فكرة المنقذ .
وهنا السؤال الذي يقدم نفسه بقوة . ( لو ان نيوتن لم يتأثر بسقوط التفاحة ولم يكتشف الجاذبية ولم يضع لها قانون ما هو حال البشرية حينها )
الجواب المنطقي يقول ان السبب الذي دعى نيوتن لاكتشاف هذا الجاذبية هو الحاجة المرحلية للإنسانية في هذه اللحظة من الزمن لقانون جاذبية . فلو ان نيوتن تأخر في هذا الاكتشاف سيأتي بعده شخص في نفس الحقبة الزمنية ليقدم لنا نفس الانجاز , لضرورة مرحلية من ضروريات تطور الفكر البشري ووصوله الى نقطه مفصلية تستوجب انتاج قانون الجاذبية .
كذلك الكتابة . فاكتشافها كان ضرورية لدوام الجنس البشري ونتيجة لتطور الفكر البشري فوصل الى مرحلة يستوجب فيها اكتشاف الكتابة
كذلك باقي العلوم والاختراعات .
وبحسب المبداء الفلسفي ( فرض المحال ليس من المحال ) . فلنفترض ان الكومبيوتر موجد في القرن العاشر الميلادي . فما الذي يقدمه للبشرية . بالتأكيد سوف يهمل ويطرح جانبا الى حين وصول الفكر البشري لمستوى يستوعب ما يقدمه الكومبيوتر . وما حصل مع غاليلو غاليلي الذي قال بكروية الارض ابسط مثال فترك طرحه على الرف مده من الزمن الى ان اصبح الجنس البشري يحتاج لهذه الفكره فعاد لها .
وهنا نعود للسؤال الاول هل المنقذ او الانسان السوبر او العنصر الخامس المتكامل الذي يستوعب كل شيء ضرورة حتمية ؟؟
وهل لهذا العنصر مرحلة معينة يجب ان يكون حاضرا فيها ؟
ـــــــ
https://telegram.me/buratha
