المقالات

ما بعد التظاهرات الاحتجاجية


 

محمد عبد الجبار الشبوط||

 

تحمست كثيرا بدعم التظاهرات الشعبية الاحتجاجية التي خرجت في شهر تشرين الاول من عام ٢٠١٩. بل كتبت عن "التظاهرات الحضارية" قبل ذلك معتبرا ان التظاهر الحضاري احد وسائل التعبير والتغيير التي يمكن اللجوء اليها من اجل اصلاح الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بل اعادة بناء وهيكلة الدولة العراقية الراهنة ذات المئة عام من العمر.

بل كنت ادعو الى الاصلاح منذ شخّصت الانحراف السياسي بتشكيل مجلس الحكم في عام ٢٠٠٣ وكتبت عن ذلك في مجلة "المستقبل" التي كانت تصدر في ذلك الحين، ثم في صحيفة "الصباح" ولاحقا في مجلة "الاسبوعية" التي كنت رئيس تحريرها، وفي العديد من المنشورات في مختلف المواقع المتيسرة. وكان تقييمي ان الطبقة السياسية التي تولت زمام الامور بعد سقوط النظام الدكتاتوري المتخلف ارتكبت العديد من "عيوب التأسيس" التي رافقها الكثير من "اخطاء الممارسة"، بما في ذلك العيوب والثغرات الموجودة في الدستور الذي لم اصوّت لصالحه.

وحينما تبلورت في ذهني فكرة الدولة الحضارية الحديثة بعد عام ٢٠١٦ ادركت ان الطبقة السياسية الحالية لا تملك مؤهلات اقامة هذا النموذج في العراق، فوضعت املي في تحرك ما سميته من قبل "المواطن الفعّال" الذي سوف يؤمن بهذا النموذج ويتحرك من اجله.

وحينما نزل الناس الى الشارع في عام ٢٠١٩ اعتبرت ذلك تصديقا لفكرة المواطن الفعال، الذي يقرر ان يأخذ زمام التغيير والمبادرة بيده ويتحمل مسؤوليته. وتولدت عندي قناعة، عززها موقف المرجعية الدينية، ان التظاهرات سوف تتمكن من تحريك عجلة الاصلاح والتغيير الى الامام صوب نموذج الدولة الحضارية الحديثة. واستثمرت الجو العام في اعادة طرح فكرة الانتخاب الفردي والدعوة اليه، وشرحتُ ذلك في العديد من المقالات. وقد فعلت ذلك لايماني بان الانتخاب الفردي قد يكون اداة نافعة في تفكيك الاقطاعيات السياسية من جهة اولى، وتكريس الديمقراطية، وهي احدى ركائز الدولة الحضارية الحديثة، من جهة ثانية.

لكن مجريات التظاهرات اللاحقة، ودخول اطراف محلية واقليمية ودولية على خطها، وطرح بعض المتظاهرين شعارات سياسية لم اعتقد بصوابيتها وصحتها، قلل من درجة رهاناتي عليها في تحقيق التغيير. وحينما استقال رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي لم اعتبر ذلك انتصارا للمتظاهرين، بل اعتبرته خطوة في المجهول، لان مقومات التغيير الاخرى لم تكن متوفرة. وحينما تم تكليف مصطفى الكاظمي بالطريقة الملتبسة المعروفة، رجوت ان يكون ذلك خطوة قد تدفع الحركة باتجاه الدولة الحضارية الحديثة. وكتبت في حينها ان التاريخ قد يكتب ان نهاية الدولة العراقية الراهنة، او انفتاح الباب امام اصلاحها، قد يتم على يد  ثنائي برهم صالح-مصطفى الكاظمي. وقد بينت ذلك في مقالات منشورة ومراسلات مع مصطفى الكاظمي.

لكن الاجراءات اللاحقة التي اتخذتها الحكومة، بما في ذلك برنامجها المعلن، اسقط هذا الرجاء ايضا، حيث اتضح لي ان الفريق الجديد لا يقل قصورا عن الطبقة السياسية التي جاءت به في فيما يتعلق بتحريك المجتمع واستثمار قدرات الدولة باتجاه الدولة الحضارية الحديثة. لفت نظري ان ملحقات قانون الموازنة الاتحادية تضمن فقرة تخص وزارة التربية لا بأس بها من زاوية العمل على اقامة الدولة الحضارية الحديثة، لكني لا استطيع ان اقع في وهم ان الحكومة الحالية في وارد زج وزارة التربية ومدارسها في مشروع الدولة الحضارية الحديثة، لان الفكرة غير حاضرة اصلا في تفكير الحكومة وفي المجموعة التي تسيّرها من وراء الكواليس.

بناء على هذا، وجدت ان من الاولى اعادة الكرة الى ملعب المواطن الفعال ليتحرك بما هو ضروري في طريق الدولة الحضارية الحديثة.

ــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك