ماجد الساعدي||
ان مقام الشهادة ومفهومها ومداها اعمق وأوسع من القتل ،
فالشهيد فارس الميدان نموذج وقدوة ، مثال يحتذي به الاخرون ، ويقومون انفسهم على أساسه ، يعني إنكم اجعلوه وسط ميادين الثقافة ، الايمان، العلم ، الفكر ، المجتمع ، واتخذوه قدوة في بناء شخصياتكم ، مجتمعكم ، ثقافتكم ،ظاهركم، وباطنكم . يقول الفيلسوف الألماني هايدبجر مارتن (( تتشكل شخصية الانسان من مجموعة معارف في حياته)) والمعرفة عبارة عن العلاقة الواعية بين وجودي انا مع الاشياء او الأشخاص اوالافكار الاخرى ، فتحصل علاقة وارتباط ذهني بيني وبين تلك الموجودات ، فتكون شخصية الانسان عبارة عن مجموعة العلائق والروابط التي تربطني بالاشخاص والافراد الاخرين وان زيني وشيني يرتبط بزين وشين الاخرين .
هناك علاقة طردية بين وجود الانسان وبين مقدار معارفه ومعلوماته ، كما قال امير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب في نهج البلاغة ( قيمة المرء بما يحسنه ) نحن نقدس العدالة ونفكر بها وتصبح جزء من شخصيتنا ، فلو تبرعنا بمبلغ من المال في سبيل تحقيق العدالة فإن هذا المبلغ يكتسب قداسة العدالة ، بينما كان قبل ذلك مجرد مال ، فأنت حين تصرف المال في سبيل العلم مثلا ، فالمال يتحول إلى عدم ، الى صفر ، ولكنه يتحول في نفس الوقت الى معرفة ويتم بذلك الهدف المطلوب . والشهيد هو من منح وجوده في عملية واحدة ، ويفني نفسه من أجل العقيدة والهدف الذي نؤمن به وبقدسيته . وعليه لا نرى في شهداء العقيدة شخوصا خاصة لا نراه قاسم سليماني او ابو مهدي المهندس بل نراهم اسم للاسلام ، للعدالة، لمقارعة الظلم والطاغوت والا ستكبار العالمي ، ضحوا بأنفسهم ، بأروع صورة يمكن أن يتصورها الانسان ، في سبيل مقدسات مطلقة .
وهكذا الأمر في من يستشهد في سبيل الأمة يكتسب ، قدسية الامة ، يقدسه أولئك الذين يعتقدون أن الأمة ليست مجموعة أفراد ، وانما هي روح جماعية تهيمن على الأفراد ، فيصبح الشهيد تجسيدا معنويا لتلك الروح الجماعية العامة ويكتسب شمولية وطنية ، ويتحول الى مفردة من مقدسات الامة .
ـــــــ
https://telegram.me/buratha