أ.د. عليّ الدّلفيّ ||
إنَّ السّيطرةَ على العقلِ الجمعيّ (Ia masse) أو علىٰ الرّأي العامّ باتتْ في أساسِ كلِّ الإعلامِ الفضائيّ والرّقميّ الخليجيّ أو المدعومِ خليجيًّا؛ وهو قَدْ أصبحَ أكثرَ أهمّيّةٍ في المجتمعاتِ العربيّةِ المؤدلجةِ حيث الطّاعةُ بالسّوطِ!
لَقَدْ سيطرَ أمراءُ النّفطِ وتجّارُ الحروبِ علىٰ وسائلِ الإعلامِ وفرضوا نظريةَ (فنِّ الكذبِ في الإعلامِ) مِنْ أجلِ إخفاءِ الحقيقةِ وترويجِ الأكاذيبِ لأهدافٍ دَنِيْئَةٍ؛ فَقَدْ بدتْ وسائلُ الإعلامِ العربيّ الفضائيّ والتّواصلِ الاجتماعيّ العربيّ الرّقميّ كأهمِّ حاملٍ للدّعايةِ السّياسيّةِ والمذهبيّةِ على السّواءِ؛ وقد نجحتْ إلى حدٍ بعيدٍ؛ في إمرارِ أفكارٍ سياسيّةٍ؛ أو مذهبيّةٍ؛ وحجبِ أفكارٍ أخرى. وهي إذْ تكتسبُ أكثرَ فأكثرَ مجالاتٍ أوسعَ من الحريّةِ وفضاءاتٍ أرحبَ من حرّيةِ التّعبيرِ؛ إلّا أنَّ ثَمّةَ من لا يَرى فيها أكثرَ مِنْ مطيّةٍ لأمراءِ النّفطِ وتجّارِ الحروبِ والسّياسيّينَ الطّائفيّينَ والشّخصيّاتِ (العميلةِ) الفاعلةِ عربيًّا التي تقرّرُ ما تراهُ عِبْرَ هذهِ الوسائلِ بحيث تتحوّلُ إلى حاملٍ للخطابِ السّياسيّ الطّائفيّ ومدافعٍ عنهُ حتّى ولو لم تجاهرْ بالأمرِ؛ وهذهِ الوسائلُ واعيةٌ وداعمةٌ لهذهِ الدّعايةِ! وهي من تخلقُ الحدثَ أو تعطيهُ بُعدَهُ الأوسعَ في أوساطِ الرّأي العامِّ العالميّ عمومًا؛ والعربيّ خصوصًا؛ وفي داخلِ المُجتمعاتِ المؤدلجةِ وغيرها؛ فيصبحُ صاحبُ القرارِ مضطرًا إلىٰ الخصوعِ لسطوةِ الإعلامِ والسّيرِ في رِكبهِ؛ ولعلَّ تجربةَ قنواتِ: (العربيّة؛ والعربيّة الحدث؛ والحرة الأمريكيّة)؛ وقنوات الفتنة: الشّرقيّة؛ ودجلة؛ والرّافدين؛ والتّغيير؛ والفلوجة... إلى آخرهِ. كانتْ لافتةً في العراقِ مُنْذُ سقوطِ النّظامِ السّاقطِ وإلىٰ يومنا هذا!
فَقَدْ كانَ لهذهِ القنواتِ الدّورِ الرّئيسِ في تأجيجِ الفتنةِ والطّائفيّةِ وتهشيمِ أُسسِ المُجتمعِ العراقيّ؛ وقد لعبتْ دورًا في صناعتها للرّأي العامِّ؛ أسهمَ في تحطيمِ أواصرِ المُجتمعِ العراقيّ وتسليطِ الضّوءِ علىٰ الجوانبِ السّلبيّةِ حصرًا في محافظاتِ الوسطِ والجنوبِ العراقيّ.
وإنَّ حملات (البروباغندا) التي قادتها هذهِ القنواتُ؛ ووسائلُ الإعلامِ الرقميّ المؤدلج؛ مارستْ رأيًا عامًّا مقبولًا لدى (الأغلبيّة!!) وَقَدْ تمَّ توظيفُ ذلكَ لمصالحِ الدّولِ الخليجيّةِ ومن يدعمها من أجلِ الضّغطِ علىٰ العراقِ سياسيًّا وتوجيههِ بحسبِ مصالح تلكَ الدّولِ!
ومن مصاديقِ ذلكَ ما تقومُ بهِ هذهِ القنواتِ؛ وبالأخصِّ قناة (الحرّة الأمريكيّة) المُدارة إماراتيًّا؛ يوميًّا؛ بشأنِ المجتمعِ العراقيّ وتفصيلاتهِ؛ وكيف وجّهتْ إعلامَها؛ وأدارتْ بأصابعها الاتهام نحو ثقافةِ مجتمعنا وفكرهِ وتقاليده من أجلِ تحطيمِ أسسِ المجتمعِ وتفكيكِهِ... وهذهِ بمثابةِ (بروباغندا) اتقنتْ أدواتها هذهِ القنواتُ المؤدلجةُ سياسيًّا وطائفيًّا؛ وبطبيعةِ الحالِ ستستمرُّ؛ ولذا واجبٌ على مجتمعنا أنْ يعيَ حجمَ الدّسائسِ والتّضليلِ الذي تمارسهُ هذهِ القنواتُ من أجلِ خدمةِ مشاريعَ خطيرةٍ ضدَّ العراقِ وسيادتهِ ونظامهِ السّياسيّ.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha