المقالات

  المدح والذم الكاذب..يسوقان المجتمع الى الكوارث


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

المدح السليم يبعث روح الأمل في النفوس لتحسين السلوك والأداء وزيادة الإنتاجية والعطاء و فوائده وآثاره جماء مثل الحيوية والنشاط وزيادة العطاء وغيره إلا أنه قد وردت أحاديث كثيرة تذم مدح الإنسان في وجه وتصفه بالذبح أو العقر ولا بد من إيجاد ضابطة معينة تحكم ذلك لكي لايترك المدح في النفوس طاقة كاذبة انما لزيادة الثقة بالنفس والاعتماد عليها، ونمو الشخصية والعمل بحماس ورغبة وهو أحد الأساليب التي يُعمل بها لتقدير جهود الآخرين وتشجيعهم سواء في تربية الأبناء أو في المجال المهني أو الاجتماعي أو غيره لما له من عظيم الأثر في تزويدهم بشحنة إيجابية وطاقة وحيوية، من يتعامل مع الناس قريبهم وبعيدهم بحاجة إلى المدح أحيانًا، اذا كان الممدوح قد أدى واجبًا وبعث روح الأمل في أرواحهم لتحسين السلوك والأداء وزيادة الإنتاجية والعطاء، وزيادة الثقة بالنفس والاعتماد عليها، ونمو الشخصية والعمل بحماس وشغف ، الذي دفعني للحديث حول هذا الموضوع هو ما نلاحظه مع الاسف في مدح من لا يستحق المدح في المجتمع من الجهلة فكم هي المشاريع التنموية الكبرى التي أجهضت، واعتراها الفشل، وتوقف بعضها عن الاستمرارية، و قد كلفت  هذه المشاريع الدولة أموالاً باهظة على حساب الميزانية العامة للمواطن، ولم تحقق أغلبها ألاهداف المرسومة و رؤية الدولة، قال الرسول الكريم( ص ): ،احثوا في وجه المداحين التراب ،لانه يغرهم ويغريهم بالمزيد، وهذا ما يجعل المادح شريكاً في الظلم والفسق ومعيناً عليه،  ومن الصور المذمومة للمدح دح من لا يستحق المدح من الفساق والظالمين، فمدحهم والثناء عليهم يغرهم ويغريهم بالمزيد، وهذا ما يجعل المادح شريكاً في الظلم والفسق ومعيناً عليه، وقد قال تعالى: { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }(هود: 113).ولا يغيب عنا أن أغلب المشاريع يعود فشلها إلى سوء اختيار القائمين عليها من المسؤولين، والشركات المخولة الوهمية التي لا وجود لها في الخارطة والتابعة للشخصيات السياسية والكتل والاحزاب الحاكمة واللجان الاقتصادية ، وعدم كفاءتهم في إداراتها، و المعهود في مجتمعنا ولايماني بقول الحق و بأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والسكوت عن الخطأ والاستمرارية فيه جريمة، خاصة اذا أضرّت بالمصلحة العامة ومصلحة الدولة و العمل الصالح وقول الحقيقة لا يحتاج الى اطراء غير مبرر كاذب إنما إلى ضمير يقظ وواعي بالمسؤولية و أفعال يراها الناس يستفيدون منها، فهم يعيشون واقعاً ويرون بأعينهم مدى نجاح أي شخص او مسؤول فاعل ، خاصة في المجالات الخدماتية والتعليمية والصحية التي لا تتطلب بوقاً إعلامياً يصدح بها وبالقائمين عليها، لان ذلك من الواجب المحتوم عليه ، ومدح مثل هؤلاء يصل إلى درجة النفاق ويؤدّي بالمسؤول إلى الغرور ويصرفه عن القصور، والذي يحتمل في أي عمل بشري، فيتحوّل إلى فساد، كما يُفقد مصداقيته واحترامه لايصاله الى درجة لا يستحقها لعدم اتيانه بشي ، فقد نهى الله جل وعلا الإنسان من أن يزكي نفسه كما ورد في قوله تعالى: "فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى". وقال تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا"، أن التزايد في المدح من أكبر الكوارث وفخ للمطامع والغايات وربما يرشد إلى الدمار والحسرات وخاصة إذا كان كذبا وافتراءاً.. ومن يعيشون على المدح في اي عمل حتى أصبح جزءًا من تكسبهم وجميع غاياتهم  .

مما لاشك فيه ان المقصودُ بالمدحِ العامّ والذّم العامّ ، ليْسَ على شيءٍ مُعَيَّنٍ ، ولا على صِفَةٍ خاصَةٍ ، ولا يَتَّجِهُ إلى أمرٍ دونَ غيرِهِ ، بل يَتَّجِهُ لِيَشْمَلَ كُلَّ أمورِ الممدوحِ أو المذمومِ . فالمدحُ العامُّ يَشْمَلُ الفضائلَ كُلَّها ، ولا يَقْتَصرُ على بعضٍ منها ، كالعِلْمِ أو الكَرَمِ أو الشّجاعَةِ . والذّمُ العامُّ يَتَضَمَّنُ العيوبَ كُلَّها ، ولا يَقْتَصِرُ على بعضٍ منها ، مثلِ الكَذِبِ أو الجَهْلِ أو السَّفَهِ ،ان المدح والثناء من الأمور التي تُسَر بها النفوس غالبًا، وتحفزها على زيادة العطاء والمحافظة عليه؛ فيحتاجه الأب في بيته، والمربي مع طلابه، والرئيس مع مرؤوسيه، فيُثني على من يستحق الثناء، ويُشيد بعمله تحفيزًا له على زيادة العطاء والاستمرار فيه، وحثًّا لغيره لينافسه في البذل وحسن العمل؛ ولذا تجد البعض يفتُر بعد جد ونشاط، وإذا بحثت عن سبب هذا الفتور وجدت السبب عدم تقدير هذا الجهد، وأن الجميع يستوون عند من له ولاية عليهم.

 لكن يجب أن يستخدم المدح في محله ولا يكثر منه، ولا يقع المادح في الكذب المحرَّم؛ فيمدح الشخص بما ليس فيه، أو يمدح من لا يستحق المدح ، ولا يمكن  أن نتجاهل المعروف والانجازات والخدمات الكبيرة التي يقوم بها الآخرون كل في مجاله ونبخسهم حقهم ولا نقدم لهم الثناء والمدح بل ينبغي أن يكون ذلك تحت ضوابط معينة بعيدا عن النفاق والتملق والإغراق والإفراط والكثرة في المدح الذي يسبب حرجا لصاحبه ويصيبه الغرور والعجب وقد يخرجه من إخلاص العمل لله عز وجل إلى السمعة والرياء. قال نبيا الكريم ( ص ): "حب الإطراء والثناء يعمي ويصم عن الدين، ويدع الديار بلاقع.” وأفضل طريقة للتعامل مع ذلك ماوجهنا إليه سيد الخلق والبشر رسول الله صل الله عليه واله  في قوله: "إذا أثني عليك في وجهك فقل: اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون”

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك