المقالات

الاصلاح البعيد


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

المؤشرات المتجمعة لدي حتى الان لا تبشر بان الاصلاح السياسي الشامل بات قريبا. الاصلاح الشامل لا يعني استبدال حزب بحزب، او طبقة حاكمة باخرى، او شخص بشخص فقط؛ وانما يعني استبدال نهج بنهج، وخارطة طريق باخرى. وبعبارة اوضح الاصلاح الشامل يعني استبدال سلطة المحاصصة، بالدولة الحضارية الحديثة، دولة المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات والعلم الحديث. وبغير ذلك لا يعدو الامر "مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ وَ الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ".

وقد تتبعت الخطابات السياسية للولادات الحزبية الجديدة، وكذلك الاحزاب التقليدية، فوجدت ما يلي:

المؤشر الاول: غياب النموذج الاعلى. لاتنطوي خطابات الاحزاب القديمة ولا الولادات الجديدة على تصور انموذج متقدم للدولة العراقية. نعم هناك مصطلحات وتصورات جزئية لا تملك القدرة على ان تكوّن صورة كاملة متكاملة لما يمكن تسميته الدولة الحضارية الحديثة. واحسب ان هذا التشظي في الرؤية سببه المؤشر الثالث الذي سوف اذكره بعد قليل. اما الاحزاب القديمة بطبعاتها الجديدة فتتحدث عن خطط وبرامج جديدة لكنها مازالت تتبع نفس النهج القديم الذي لن يمكنها من تحقيق برامجها الجديدة إنْ صح زعمها وصدق قولها.

المعروف انه ينبغي لكل حزب ان يخوض الانتخابات وفق برنامج سياسي انتخابي. وقد تختلف الاحزاب في تفاصيل هذا البرنامج، لكن عليها ان تتفق، بسبب الحالة العراقية الخاصة مرحليا، على   هدف ابعد او اعلى يمثل الغاية العليا التي نسعى للوصول اليها.

ويجب ان ينص البرنامج على هذا الهدف، ولنقل انه #الدولةالحضاريةالحديثة بحيث يحدد البرنامج ما ينبغي القيام به خلال ٤ سنوات للاقتراب اكثر من الهدف البعيد. النص على الهدف البعيد سيكون مؤشرا لتقييم البرنامج ومدى صلاحيته للبلد. هذا الامر مازال غائبا عن الذهنية السياسية السائدة.

المؤشر الثاني: خطاب الخصومة. تسود الخطاب السياسي للاحزاب المتنافسة وخاصة الولادات الجديدة لهجة الخصومة مع الاخر. فالاخر عند هذه الاحزاب "خصم" يجب محاربته والقضاء عليه وليس منافسا سياسيا سلميا. يتحدث هؤلاء عن الاخر بشكل يصعب معه تصور امكانية ان يجلسوا معا تحت قبة البرلمان، او ربما في حكومة ائتلافية واحدة، وهذه كلها محتملات ممكنة في العمل السياسي. وتترافق مع لهجة الخصومة المحلية خصومة خارجية. فبعض هذه الاحزاب ومنها الولادات الجديدة تناصب هذه الدولةَ او تلك العداءَ منذ الان. ولست ادري ماذا سوف يفعل احدهم لو اصبح رئيسا للوزراء او وزير للخارجية؟ هل سوف يقطع العلاقات الدبلوماسية معها؟ ام يعلن الحرب عليها؟! قد لا يعرف هؤلاء ان العلاقات الدولية تقوم على اساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل وليس على الخصومات مسبقة الصنع. ترامب بنى خطابه السياسي على اساس الخصومة، لكن الشعب الاميركي طرده من البيت الابيض عبر صناديق الاقتراع، والغى خلفه بايدن كل قراراته المبنية على الخصومة. من نافلة القول ان اذكّر هؤلاء ان الحياة السياسية السليمة تقوم على التنافس، او التعاون، وليس على الخصومة ابدا.

المؤشر الثالث: الكثرة المفرطة. وهذه هي علة العلل في العراق. صحيح ان التعددية الحزبية هي العمود الفقري للحياة الديمقراطية. لكن هذا المبدأ يُساء تطبيقه في العراق بشكل مخيف. الديمقراطية السليمة تقوم على عدد محدود من الاحزاب المتنافسة بما يسمح بوصول احدها الى الحكم دوريا، مع بقاء مساحة كافية لعدد قليل من الاحزاب (حزب واحد او حزبين) في صفوف المعارضة. ما يحدث عندنا لا يترك مساحة كافية لا للحكم ولا للمعارضة. العدد الكبير في عدد الاحزاب السياسية له من الاضرار اكثر من الفوائد ويكشف عن نقص هائل في القدرة على العمل الجماعي.

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك