المقالات

عوامل حاسمة في إنتصار الثورة الإسلامية وبقائها


 

د.محمد العبادي ||

 

تصالحت عوامل كثيرة في تتويج الثورة الإسلامية في إيران بتاج الانتصار ، وقد كان لبعض العوامل دورا حاسما في صناعة النصر على النظام الملكي في إيران ، ويمكننا أن نذكر  أهمها بما يلي :

أولا : عامل وجود القيادة الحكيمة : لقد كان لوجود القيادة الثورية الحكيمة المتمثلة بالسيد الإمام الخميني(ره) دورا حاسما في القضاء على نظام الشاه .

كان الإمام الخميني يملك قدرات قيادية فريدة في توجيه سفينة الثورة نحو مرسى الإنتصار الكبير ؛ فقد كان لتوجيهاته وخطاباته الاستثنائية وتوزيعها ونشرها بين الناس أبلغ الأثر في ديمومة الثورة وتصاعد وتيرتها .

كان بإمكان الإمام الخميني ان يكتفي بالاعتراض على بعض السياسات التي تتبعها الحكومات التابعة لنظام الشاه ، لكنه كان يملك الفنية في قيادة الثورة ،  وخالف في تحركاته أصل النظام القائم آنذاك ، والأخطاء الكبيرة والكثيرة التي يرتكبها ، وقام بتوجيه الناس في إبرازها والإشارة إليها .

 لقد إجتمعت الثورة على قيادته الفريدة . وكان حقا يمتلك ناصية القيادة ويملك القدرة على النفوذ والتأثير على الناس ؛ بل والتدبير الدقيق وحسبنا ان نشير إلى تصرفه عندما حزم الشاه حقائبه موليا وجهه صوب أمريكا بذريعة تلقي العلاج والحاجة إلى الراحة ؛ وتصرف الإمام بحكمة وجاء إلى مطار مهر آباد مع العلم ان حكومة شاهبور بختيار لازالت تمارس مهامها ، وكان الإمام بعد مجيئه قد عمل على تغيير النظام الملكي في عشرة أيام حسوما(عشرة الفجر) .

ثانيا : عامل الحضور الجماهيري العام : لقد إعتمد قادة الثورة على الشعب ، وكان له حضورا شاملا .

لقد كان الشعب دائما حاضرا في الميادين ؛ فعند هبوط الطائرة التي كانت تقل الإمام في مدرج المطار احتضنته الجماهير وكانت السيارة المخصصة له تشق طريقها بصعوبة بالغة لكثرة الحشود المستقبلة له ، وفي خطبه كان الناس يتلهفون لسماع صوته واستمر هذا الحضور والتعبئة الجماهيرية الطوعية في كثير من المناسبات ، ويكفي أن نشير إلى أن الإمام الخميني عندما عاد إلى  ايران استقبلته الجماهير ، وعندما رحل عن هذه الدنيا رفعته الأكف فوق الرؤوس وكان الناس قد ملئوا الأرض بما رحبت وضاق وسعها عنهم .

أنها الثورة الإسلامية تحمل في طياتها عناصر القدرة على تعبئة الجماهير واستمرارية حضورها في الساحات والمناسبات العديدة.

ثالثا: عامل التضحية والإيثار: لقد قدمت الثورة خيرة أبنائها من أجل أن تستقيم المسيرة .

احيانا اقف متحيرا وأقول كيف لهذه الثورة أن تبقى على قيد الحياة ؛ وقد قدمت التضحيات الجسام وهي لم تزل وليدة تحبو نحو مدارج الحياة ؟! كيف لهذه الثورة أن تبقى ، وقد قطف رؤوس قادتها ، حيث قتل رئيس الجمهورية(رجائي) ورئيس الوزراء (باهنر ) ورئيس مجلس القضاء الأعلى( بهشتي ) ، وأعضاء برلمان(٧٢) نائبا أو مسؤولا ، وقتل خطباء الجمعة كشهداء المحراب مثل مدني تبريرني ، ودستغيب ، وأشرفي اصفهاني ، وصدوقي ،  ومحمد علي طباطبائي ، بل قتلوا حتى المفكرين من أمثال مطهري وهاشمي نجاد واضرابهما ؛ وفوق كل ذلك كانت الحرب قائمة تحصد بأرواح الناس ، وتعمل على تشويه شكل الحياة .

نعم لقد قدمت الثورة التضحيات أثر التضحيات ، ولازالت وستبقى تقدم التضحيات ،لأن سفينة الثورة تجري في بحر لجي ، وطريقها لم يكن معبدا بالرياحين ، بل معبدا من خلال التضحيات .

رابعا: عامل نزاهة الثورة وصفائها : لقد حصلت ثورات كثيرة في التاريخ وقد لاتنصف  الثورات قادتها وضحاياها ، و كثيرا ما قطف ويقطف ثمارها الانتهازيون والوصوليون ، بل ربما تم تحريف ثورة ما ونتائجها لصالح جهات متربصة محلية أو خارجية ، لكن الثورة الإسلامية في إيران منذ بزوغ فجرها قد سلكت سبيلا مستقلا ، وانصفت قادتها وضحاياها ، وكانت وفية لهم ولمبادئهم ، وانتحت جانبا عن القوى الداخلية المشبوهة أو القوى الخارجية الطامعة .

ان نزاهة الثورة ونظافتها في إيران كان واضحا في الإبقاء على الأبنية والممتلكات الحكومية فلم يفرغوا جوف الوزارات والمؤسسات الحكومية من محتوياتها ، ولم ينبشوا قبرا ، ولم يقطعوا أو يعلقوا رأسا،  ولم يعطلوا درسا ، ولم يعتدوا على جنديا بل كانوا يقدمون الورود للجيش ، لانهم يعلمون أن الثورة النزيهة التي تحمل بين جوانحها عناصر القوة ليست بحاجة إلى الاعتداء على الجيش أو الشرطة وليست بحاجة إلى الشتائم و..و...

لقد كانت ثورة إيران طاهرة ونظيفة ويدها بيضاء من غير سوء ، ولهذا انتصرت الثورة وأقامت قواعدها وبنيانها على أسس صحيحة ، واستمرت في كدحها بإقتحام العقبات واحدة تلو الأخرى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك