محمد الكعبي ||
دخلت المنطقة بعد عام 2003م، مرحلة تأريخية مفصلية من حيث الصراع والتحولات الكبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، تزامناً مع صعود تيارات سياسية وسقوط حكومات، وخروج الشارع العربي من سباته مطالباً بحقوقه, وقد شهد الفكر السياسي العربي تطوراً نسبياً ملحوظاً من خلال تعاطيه مع المتغيرات ومجريات الاحداث وتراكمية التجارب والمواقف التي مرت عليه، ولعالم التكنلوجيا الفضل الكبير في كشف الكثير من الاسرار والاحداث والتي غيرت الكثير من المفاهيم والقناعات والسلوكيات التي كانت بالأمس القريب حاكمة على كثير من مساحات الفكر الانساني وفتحت المجال لدخول الانسان في عوالم لم يكن يعرفها أو حتى يسمع عنها بسبب القيود السابقة.
أن تسارع الاحداث وتنوع الثقافات والمعلومات وكثرتها ودخولها لكل مكان وبدون رقيب أدى إلى تشابك المفاهيم واختلطت المعايير وتزاحمت الافكار عند الكثير من الناس، وبسبب التكرار والتأكيد والتلاعب بالصور والمعلومات والكذب والخداع، وإلباس الباطل لباس الحق، عاش الانسان في صراع اثبات الهوية، حيث تلاشت الخصوصيات واضمحلت، بل عبرت الحدود مما جعله يفقد البوصلة الحقيقية التي ترسم له الخط المستقيم الذي ينبغي ان يسير عليه ليحقق النجاة والسعادة التي يبحث عنها، ورغم كل هذا اخذ يسال ويتحقق ويناقش ويطلب الكثير وقد قابله دخول العالم الغربي بثقله في ساحة الصراع مستخدماً كل امكاناته من أجل بسط نفوذه على المنطقة وبث ثقافته ونظرياته التي يريد تسويقها وقد أجاد التسويق.
لأجل مواكبة العالم لابد من توفر العلم واستثمار ما نملك من مقومات، وقيل في العلم هو (الدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير قادة)، فبه نواجه الاعداء وبه ترتفع بلداننا وتحقق التطور المستدام، ويجعلنا حاكمين لا محكومين، ومتبوعين لا تابعين، وأهم مقومات الدولة والمجتمع المتحضر العلم، ولا يكون ذلك بفوضوية التعليم، بل التعليم المُمَنهج المنبثق من أسس علمية سليمة مع الاستمرار والتشجيع والتطوير وهو حق لجميع أبناء البشر.
أن بقاء الفاشلين على رأس الهرم التعليمي ينذر بالخراب وخصوصا في زمن أصبح فيه من يملك العلم يملك القرار ويتحكم بالاقتصاد والسياسة والامن المحلي والعالمي، لابد من ان نخرج من دائرة الاهمال والتقليد وندخل في مرحلة الابداع والانتاج والتجديد، المبدع من يغير الواقع ويصنع من اللا شيء أشياء ولا يقف عند حد معين، نحن اتباع دين يقول {أقرأ}، أن العالم يتقدم وبسرعة فلابد من دخول حلبة المنافسة ونحن نملك الادوات التي تحقق لنا الفوز بشرط تطوير أدواتنا وتصحيح مقدماتنا وبرامجنا ونحتاج إلى تنمية القدرات الفردية والجماعية لمجتمعنا من خلال الدورات والورش العلمية، السياسية، الثقافية، التنموية وفتح مراكز الدراسات التخصصية المتنوعة، والجدية في تصحيح الاخطاء، وعلينا ان نعرف بماذا وكيف يتطور الاخرون ونستفيد منهم، والعمل على أنزال الافكار إلى الواقع وفتح المجال للكفاءات والخبرات وهذا يحتاج إلى ثقة بالنفس وجهد ومتابعة وترتيب أوراقنا مع ترك الانانية وعدم الاستسلام وتقبل النقد عندها ممكن ان نقول اننا على الطريق الصحيح.
https://telegram.me/buratha