خضير العواد ||
عودة البعث أو الدكتاتورية لحكم العراق شيء بديهي وهو تحصيل حاصل لما جرى خلال 18 سنة من حكم الأحزاب المتناحرة في كل شيء وعلى كل شيء ومن أجل أي شيء ، هذه الأحزاب التي لم تعرف من الحكم إلا السرقة وتوزيع الثروات ما بينها وهذا ينطبق على جميع مكونات الشعب العراقي ( الأحزاب الشيعية والسنية والكردية) ، فقد تركوا المجتمع يغرق في بحر من التلوثات المادية والمعنوية والفكرية ، حتى أصبحت الأسرة مهددة بالتمزق والشرذمة ، فلم يتطور التعليم ووسائله ولم يبقى من التربية إلا الاسم على مباني وزارة التربية والتعليم ، فضاع التدريس والمدرس في مصاعب الحياة التي نتجت عن سيطرة العصابات على مفاصل الدولة والمؤسسات ، وهذا الأمر يسري على جميع الوزارات والمؤسسات الاجتماعية والخدمية وأما الإنتاجية فلم يبقى منها حتى الاسم بعد أن أغلقت أكثر من عشرة ألاف مصنع ومعمل في عموم العراق وأصبح التاجر العراقي من أكثر خبراء القمامة والقاذورات في العالم فهو الحريص على جمعها وإرسالها الى شعبه المظلوم .
وقد رافق هذا التدهور في مؤسسات الدولة ووزاراتها الخدمية والاجتماعية تقاعس المؤسسة الدينية عن مسؤولياتها ووظيفتها ، فقد تركت هذا الشعب وخصوصاً الشباب منهم وحيداً وهو يواجه اجتياح الثورة الإعلامية التي هجمت على العراق بعد أن سقط الصنم وزالت الدكتاتورية الصدامية البعثية البغيضة ، فدخل الانترنيت بشكل غير محدود وغير مسيطر عليه والفضائيات بعنوانها الواسع العريض الذي ليس فيه ممنوع أو محدد بأي رقابة أو سيطرة ، فقد أجتاح هذا الفيضان والمؤسسة الدينية فاتحة عينيها وفمها وهو متعجبة ولا تستطيع فعل شيء ، فتركت المجتمع فريسة سهلة لهذا الوحش الذي هجم على شعب العراق وأدخل عليه الكثير من الأفكار التهديمية المدمرة للفرد والأسرة فضاعت الكثير من العادات والتقاليد ما بين أمواج هذا الموج العارم وأبتعد الشباب عن تعاليم دينهم نتيجة قوة الأمواج والطرح المغري مادياً ومعنوياً للشباب وأصبح الشباب يتخلق بأخلاق ما تطرحه الفضائيات نتيجة غياب المؤسسات التربوية والأخلاقية وخصوصاً الدينية فأصبح مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خبر كان وزرع مكانه احترام الحريات الشخصية ، فأصبح الشباب يفعلون ما يريدون تحت هذا العنوان الجميل مظهراً والقبيح باطناً ، ونتيجة غياب تأثير المؤسسة الدينية أضمحل مع هذا الغياب الشباب المؤمن المثقف الذي يعي ما يدور حوله من دسائس ومكائد ويقدم مصلحة المجتمع على مصلحته الشخصية .
بعد ضعف حلقات تكوين المجتمع الرئيسية المؤسسات الاجتماعية والتربوية والأخلاقية للدولة والمؤسسة الدينية وانتشار الفساد في جميع مفاصل الوزارات الحكومية وكذلك القطاع الخاص ، هذا الوضع خيَّم بظلاله على المجتمع والأسرة العراقية ، فلم يستطع المجتمع أن يقوم بدوره الريادي في إصلاح الفساد أو تربية الأجيال وتحصينهم من غسل الأدمغة التي قامت به الثورة الإعلامية و مجاميع التواصل الاجتماعية للشباب والشابات بل أغلب فئات المجتمع العراقي وهناك الاف من القصص الغريبة عن أخلاق مجتمعنا العراقي نلاحظ يشترك فيها النساء والرجال والشباب والشابات وحتى الأطفال ، وهذا نتاج غياب الأعمدة الأساسية التي تقوم على تربية المجتمع وتحصينه من الأخطاء والانحرافات وهي الاسرة (البيت) الدائرة الضيقة المحيطة للأسرة من أقارب وجيران والمدرسة ومن ثم الإعلام بعنوانه العريض ، ونتيجة تأكل أعمدة التربية فقد ضعفت بشكل كبير ركائز التربية في الأسرة العراقية وأصبحت معرضة للانهيار والدمار والتمزق والتشتت وضعفت الروابط ما بين أعضاء الأسرة الواحدة بل أصبحت شبه معدومة ؟؟؟ .
هذا الوضع لم يأتي بشكل مفاجئ أو صدفة بل نتاج خطط ودراسات قامت بها المؤسسات المعادية للشعب العراقي التي تقف وراءها المخابرات العالمية ، فقامت بفتح الدورات للشباب والشابات تحت مختلف العناوين الجذابة والكاذبة والخادعة مع إغرأأت مادية من أجل غسل أدمغتهم وتغير أفكارهم وقم تم لهم ذلك ، فقاد خريجي هذه الدورات المظاهرات التشرينية ورفعوا شعارات حساسة لا يتبناها الشارع العراقي كأفكار المثلية والإلحاد وكذلك البعثية وغيرها من متبنيات المظاهرات التي دعمها ومولها التحالف الأمريكي الصهيوني الخليجي ، فبعد هذا الكم المتراكم من الفساد الإداري والحكومي وابتعاد المؤسسة الدينية عن وظيفتها الشرعية والأخلاقية وغسيل الأدمغة التي قامت به المؤسسات الإعلامية الممولة من المخابرات العالمية والخليجية فلا تتعجب من عودة البعث أو الدكتاتورية البغيضة بل هي تحصيل حاصل إذا أستمر الوضع على ما هو عليه .
https://telegram.me/buratha